3.7.22

الفيل في الغرفة



بالأمس قفز فيل فوق صدري!
ليس أمرًا غريبًا كما تظنون ، الفيل كان يصاحبني منذ مدة، حاولت تذكر صوت أمي ليأمرني بجدوى المحاولة أن نحيا دون تفكير، ولم أجده هذه المرة؛ يفصلني الآن عنها قارة، وعدة بحار، وعشرة آلاف كيلومتر على الأقل. لم أرغب بخذلانها في كل الأحوال، استيقظت وقررت أن أحارب مجددًا. ارتديت ملابس لا أذكرها، وذهبت للتسوق. كان معي ضيفي الثقيل جاثمًا فوق صدري، يتذمر باستمرار، ينفذ صبري أحيانًا وأصرخ فيه بدمعه أو اثنتين لا يلمحهم أحد في المترو ثم أبتلع ريقي وأهز رأسي وأستمر في المحاولة.
كنت متعبة، جسدي واهن بالإضافة لقلبي، لن أنكر أنني رغبت بأن أطلب من الفتاة في المقهى أن تحتضنني، أو أن أجلس على الأرض في منتصف المول لأن قدمي لا تستطيع حملي -أنا والفيل سويًا- بعد المشي لخمسة عشر دقيقة فقط، رغبت أن أرد على الرسائل وأنتهي من الأعمال المؤجلة لنهاية الأسبوع ولم أستطع، ثم نظرت للآخرين فوجدت العالم بأسره يدور بحماس وأنا في فقاعة وحيدة منفصلة لا أصرخ لطلب مساعدة ولا أحلم بزعزعة استقرار النظام العالمي.


يمكنني اعتياد الحزن بجسارة، خاصة بعدما أكل قدرًا كبيرًا من أحلامي وطاقتي في السابق، يمكنني اعتياد الوحدة باحترافية شديدة؛ لكن بالكاد يمكنني اعتياد الفيل في الغرفة الذي يستمتع بوضع قدميه فوق صدري دون أن يراه أحد سواي، يمنعني من التقاط أنفاسي، وينتزع مني قدرتي على الشكوى للطبيب...ماذا سأخبره؟ أن فيلا في الغرفة يضع قدمه هنا فوق صدري تمامًا؟ الأطباء هنا ينتظرون منك أن تطلب ما لا تعلمه...تشعر بصداع نصفي؟ اطلب وصفة أقراص للصداع، تشعر بخمول؟ أطلب تحليل فيتامين دي. تشعر بألم في صدرك يمنعك من التنفس؟ اطلب الطواريء مباشرة...ماذا عن الألم الذي يمكنك التنفس معه، السير به، مشاهدة التلفاز، اجراء محادثات فارغة، ماذا عن الكوابيس التي تُغزل في ثنايا النوم وتزيد الأمر سوءا؟
أنا أعرف تماما الحرب الدائرة في عقلي، خضتها من قبل مرة واثنتين، وتجاوزتها بمحض مصادفات والكثير من المحبة. سأعود للمنزل الآن لحبيب يشعر بالذنب لأنه لا يستطيع أن ينتصر على ما لا يراه، محبط قليلا لأنني لا أعرف كيف أصف ما يحدث داخل عقلي بوضوح لأنني ربما لا أستطيع إدراكه. سينظر الفيل نحوي من أعلى وحين يحتضنني حبيبي سيزيحه قليلا ثم يتركني ويغفو فيستعيد فيلي مكانته في الغرفة وفوق صدري بوضوح.
أنا أعلم كل ذلك...ورغم كل شيء لا يخيفني سوى أن يراه أحد سواي.

31.12.20

الحلم

 احلم بأبي 

يجلس معنا في فناء متسع
يمر الموت في الحلم 
فنعلم أنه يحمل تذكرة لأبي لا محالة

 أخبر أبي أن يستمر في محاولة إنقاذ فتاة ما
لا أعلم من هي...
يذهب ورائها
 وأقف في مكاني بانتظاره

يعزيني الآخرين...
أخي يبكي طيفه
 أمي تبكي وحدتها والقليل من الأعوام الطيبة
وأنا آراه يحضر جنازته
 يقف على الباب ويحتضن أيدي البكائين
أمسك يده...
دافئة تماما في الشتاء
 كما كان منذ عشرين عاما

أستيقظ وأنا أبكي
 رغم أني لا أعلم
 إن كنت أحب أبي 
وإن كنت في الواقع 
الفتاة التي رغبت أن ينقذها.

8.11.20

إعادة تعريف

الكتابة أكثر ما افتقد من حياتي القديمة…

بعد مرور عام قليل الصعوبة، وبه كثير من المحبة، مليء بالأحداث والأحلام المؤجلة يمكنني إخباركم عن نفسي الجديدة.


بدأ الأمر حين قررت أنا وميم الانتقال لبيت واحد وحياة مشتركة…الأمر الذي لا يتم تقبله سوى بإطار اجتماعي ملائم، فقررنا أن نتزوج.


لم تكن قصة حب ملحمية كحبي الأول…كانت هادئة بدأت بكوننا متنافسين من بعيد، ثم وجود الكثير من الأصدقاء المشتركين، ثم صرنا أصدقاء، ثم خلاف كبير توقفنا عن الحديث بعده، ثم عدنا أصدقاء مقربين، ثم انتقل ل الفريندزون فاختفى براديكالية من حياتي، ثم حياة بلا معنى حقيقي بدونه، ثم فرصة جديدة، ووقوع في الحب حتى الرُكب!


لا يهم بديهيات ما قبل الزواج وتحقيقي لرغبات الآخرين...لم أكن أهتم سوى بما سيحدث بعد ذلك. وقد حدث البعد ذلك وأصبحت "مدام راء" التي لا تشعر بفرق سوى أنها هجرت أغلب الأمور التي فُرضت عليها واختارت الحياة التي رغبت بها.


في البدء كنت غاضبة أن نمط الحياة الهاديء المساند موجود في العالم ولم أحصل عليه. غضبت من أبي وأمي بشدة، من نفسي قليلا وغضبت من حبيبي أيضا لأنه لم يتفهم الكثير من الأشياء…


 أعتقد أن جزءًا من توقفي عن الكتابة أنه كان يقرأ ما كتبت هنا قبل أن يعرفني، قرأ حينما تعارفنا وسيقرأها مهما أخبرني أنه لن يفعل. على الأقل جزءًا كبيرًا مني يدرك هذا. والأمر مزعج بشكل خاص أن تخبر العالم بروايتك فتجد أحدهم يقامرك بالرواية الأخرى. والرواية الأخرى لا تخص مساحتك الشخصية على كل حال!


حسنا لنعد مجددا…

امتلكت مساحة خضراء في البلكونة، وعانيت فقد معظم النباتات بسبب فطر أبيض لعين، وحشرات صغيرة تشبثت بحياتها وبأوراق زهرة الفل المفضلة لأمي، الزهرة التي اهدتني اياها، بذلت ما بوسعي ثم خفت أن أفقدها تماما فأعدتها لأمي. وقررت أنه يكفي هذا وأعدت البقية إليها أيضا لأنني لم أحتمل المزيد من المعاناة. أريد أن أتقاعد في السابعة والعشرين من عمري بعنفوان.  بعدها تبنينا قط مر بحياة صعبة فقط لأنه Low Maintenance ولأن ميم Cat person كما قال الكتاب.


 مؤخرا كنت أعيد شريط الأصدقاء الذين رحلوا وأخبر ميم أنني لم أغفر هجران أصدقائي أكثر بكثير من هجران من أحببت. وحينما مررت بأكبر فقد لهؤلاء الأصدقاء في الخمس سنوات الماضية لم أعرف بالتحديد لماذا لم نعد أصدقاء. أسباب واهية أو أسباب كبيرة للغاية. لست أذكر سوى الحواجز المتعددة، ولا تحضرني نقطة الانكسار أبداً… ألعن ذاكرتي التي تتخلى عن تلك التفاصيل وتتذكر أنني كنت أقود خلف عربية نصف نقل على الدائري حروف عربتها ن ق ل

نسيت أن أذكر بأنني في الحياة الجديدة تخطيت خوفي من العلب الصفيح التي نجلس بداخلها ونقزد بسرعة جنونية في عالم قمة العشوائية. فأصبحت سائقة جيدة نسبيا في وسط البلد وبريمو على الطريق الصحراوي.


من انا؟


في الواقع لا أدر! وأتهرب من السؤال كلما انفجر بعقلي

أحاول إعادة سَطر قناعاتي، وبلورة ذاتي الجديدة، أحاول أن أتوقف عن الوقوف في المنطقة الحياد وتكوين رأي ثابت لنفسي عن نفسي على الأقل… ولا أدر سوى بعض الحقائق الواضحة مما سبق وهي: أنني صرت امرأة سعيدة ومتزوجة ، تحاول أن تخبر العالم أن  حياتها لم تتأثر سوى بتفاصيل لا تهم الآخرين، تُجيد صناعة الفلات وايت وتترك الكوب يسبح في ألوان تدريجية، تتحدث الأسبانية برداءة-حتى الآن- لا تتذكر الأحداث الهامة، فقدت الكثير من الصداقات واستنفذت حظها بالكامل في الحصول على أصدقاء بنفس الجودة، لا تعلم بعد كيف تتخلص من الغضب، وتخلصت من القليل من المخاوف، وتتخلى عن التعاوير التي تمتلكها في الوش -حرفيا- 

تتمنى لو أن العلم يخترع تقنية جديدة لإزالة جروح القلب بالليزر لأنها -أقسم لكم- مفيهاش معلش أكتر من تعاوير الوش. 

وستحاول أن تعود للكتابة, كلابي كده.


17.5.20

يوميات الكورانتين - 2

self portrait: Quarantine Thoughts


أحيانا بحس بجريمة في اعتياد وجودنا ف نفس البيت، لكن كل واحد ف اوضة بيعمل الممارسات اللي بيحبها. فجأة مبقاش بيننا مشترك كتير، المهام اليومية والرغي بيقل... لحد ما بتيجي لحظة على سهوة بعنوان: يللا نقفل كل حاجة ونcuddle بس. هنحضن بعض ونتكلم لحد ما ابدأ أضحك بهستيريا أو أعيط على حسب!
أو لحظة تانية عشوائية ميم بيفتح أغاني قديمة ويقرر نرقص سلو في اللحظة اللي بعمل باديكير وحاطة رجلي ف المايه السخنة... فنقوم نرقص ف حدود طبق المايه السخنة واخد برويتة ولا اجدعها Water Ballerina..

وصلنا لنضج لذيذ في علاقتنا بعد ما عيشنا سوا، مرحلة زاد فيها تفهمنا لبعض ونواقصنا كبشر، بقى شيء عادي لما يبدي كومنت ان شعري خرج عن السيطرة أو إن حد مننا شامم ريحة مش حلوة ف التاني، أو إن دقنك بتشوكني فبضحك في اقصى اللحظات رومانسية، وانتي عندك شنب بيضحك، وهكذا..

في الواقع أنا بحب وجوده وبفتقده فبنكد عليه لما بلاقي المذاكرة واخداه مني، أو الشات، أو لما يخلف وعود، أو أما أي شيء اعتيادي يسحبه...أنا دايبة فيه لدرجة مزعجة فعلا ومش عارفة أفصل كياني العاطفي وده اوفر ويلمنج.


....................


لو هتكلم عن مشاعري مؤخرا فمتهيألي الأسبوعين دول أنا بقضي وقت فراغي بقلق بس. 

بقلق عـ الشغل في البروجكت اللي سارقني ٢٤ ساعة، بقلق إن التعب ده هيروح وإن صوتي مش هيتسمع. إني في يوم همشي وإن آخر انطباع للناس مش هيبقى إني ساعدتهم يكبروا على قد ما أقدر. بقلق إن محاولاتي للبحث عن مكان جديد جت ف وقت صعب جدا،  ويمكن مقدرش أثبت نفسي ف الانترفيوز مع إني شاطرة فشخ وعندي كواليتيز هايلة. بقلق ميم يستهتر ونعيا في كل مرة بينسى يعقم كيس بلاستيك من السوبر ماركت، وكل مرة بنطلب اوردر اكل من برة. بقلق شعري يقع، وبشرتي تعجز. بقلق ملاقيش نتيجة لبحثي عن هويتي الحقيقية، مش اللي العالم فرضها عليا سنين طويلة. اني مقدرش آخد موقف في العالم اللي عاوز ابيض واسود لأني مبشوفش غير الرمادي وبتفهم جدا الجانبين. بقلق اني مبذلش مجهود ف اللي بحبه لحد ما ابطله. اني مسافرش تاني قريب وافضل محبوسة ف البيت. 
بقلق من الحرامية اللي مش موجودين وفكرة وجودهم بتطيّر مني النوم. بقلق بتاع الدليفري يسألني رقم باب الشقة اللي مش عارفاه بعد 7 شهور، وعلى عداد الكهربا يمكن فلوسه تخلص. وفاتورة الغاز اللي مبتجيش. ع الزرعة اللي ورقها بيدبل لو مسقيتهاش وتربتها هتبوظ لو سقيتها كتير..

كل القلق ده مسبب لي شلل. مبذاكرش عشان الشغل الجديد. بشتغل بشكل مستمر عشان الحالي. بتخانق كتير على الhygiene بعزم ما فيا. مبسمعش المحاضرات اللي طلبتها من صاحبتي عن الهوية. مبفكرش ميم بالنص ساعة سواقة اللي مفروض اعملها كل يوم. 
مش بعمل ايديت للصور عشان وات اذ ذا بوينت! كل ده مخليني عاوزة أقعد بتفرج ع التليفزيون -اللي دلوقتي بايظ- زي الدبدوبة لحد ما دماغي تفضى خالص...ويجيلي نوم طبيعي.

 القلق بياكلني من جوا ...وكل ده مش حلو أبدا على شعري وبشرتي.

23.4.20

يوميات الكورانتين


أعمل من المنزل تحت وطأة المرض والحظر، أقرر أنني لا أحب محادثات الهاتف فأُسجل فويس نوتس بشكل مستمر لخمسة أشخاص على الأقل يوميًا.
أسجل، أستمع، ثم أعيد اكتشاف صوتي في كل مرة، أجده يركض على عجل في أغلب المحادثات... 
كنت أغلب الأوقات متحدثة سريعة في حياتي اليومية -ما عدا حين أشعر بالراحة مع شخص- حتى أنني طورت نظرية لهذا العرض..

أمي أخبرتني أنني تحدثت مبكرًا وكنت "رغاية" أغلب الوقت، سعة صدر أبي وأمي وكل من أذكر لمحادثاتي كانت قليلة فأصبحت أختصر وأُسرع بالانتهاء من السرد في أقل عدد من الثواني قبل أن يفقدوا اهتمامهم بي، في مراهقتي أخفيت الكثير ثم كبرت قليلا وتوقفت حتى عن تبادل الأحاديث بصوت مرتفع؛ فحُبست الكلمات داخل عقلي، لذلك حينما أتحدث تلاحق الكلمات بعضها للوصول لأذن الآخر...

العلم يقول أن عقلي يفكر سريعا Visually، ويتوجب عليّ وصف الصورة قبل أن تنمحي من ذاكرتي القصيرة، بينما أنا أعلم أنها الكلمات المحبوسة من زمن سابق.
لهذا أيضاً نشأت الكثير من الأصوات في عقلي، التي ترتفع في أيام لتطغى على الواقع، وتهدأ لأيام أخرى.
يلازم هذه الأعراض بالضرورة انني أقرأ بسرعة كبيرة قبل أن يستسيغ عقلي جميع الكلمات فأعيد وأزيد في الصفحات التي تعجبني، وأمل بسرعة أكبر من الأشياء التي ليس لها داع. أفضل الأفلام على المسلسلات، الأغاني القصيرة، الكورسات المختصرة،العلاقات الخفيفة، والمحادثات القصيرة ولكن to the point.

أقرر أن أدرب نفسي على التحدث بهدوء فاستمع لصوتي مرات متتالية وألومها حين تبدو الكلمات أقل وضوحا مما أرغب. أقف على الطرف الآخر من الهاتف ولا أملك نرجسية كافية لأقع بغرام صوتي أو كلماتي.
صوتي يتغير أكثر مما أظن، لا أستطيع استيعاب كيف يبدو أنيقا وذكيا، أو عمليًا خالٍ من المشاعر، أو مترددا يحاصره الكثير من " مش عارفة بس متهيألي..."، وأحيانا غير قليلة واثق لأنني بشكل ما أعلم الكثير

أقرر: سأتحدث كأنني أكتب...بهدوء، كأنني أصنع الكلمات على طرف لساني...أنجح في البداية، حتى أجد حلا لمشكلة قديمة فأتحمس، السرعة تغلب حماسة صوتي، أتنفس بشكل سطحي حتى أفسح مجالا للحروف في الانسياب...
أتذكر المقابلة الشخصية الأخيرة...الحماس حرمني من التقاط انفاسي أمام صورة ال HR الأجنبية فنظرت للأرض وفقدت ال eye contact ولم أسامح نفسي حتى اتى عرض العمل الذي لم يكن كاف للسفر لأنني وش فقر أو لأن ربنا رحمني من السفر لعامين وفيه كورونا!

أعتقد أن علاقتي بالكلام أكثر تعقيدا من وصفها، تقترب فقط من وصف لانج لييف: دفنت نفسي عميقًا بين كلماتي، حتى أني أعجز أحيانًا عن تحديد ما إذا كنت الشخص الذي يكتب، أم الآخر المختبئ بين السطور.*


*ترجمة ضي رحمي





21.11.19

الثالثة صباحا

استيقظ كل مساء في الثالثة والنصف صباحا، كل يوم منذ ثلاثة أيام، الخطيئة تعبث بعقلي للكتابة وقول ما لم أعبر عنه،  أهرب منه ومن جلدي بكل ما اوتيت من قوة، احافظ على حياتي الجديدة من الألم وأغلفها بمناعة التناسي، حبيبي الجميل معي كل ليلة..وكل صباح... اعود مبكرة من عمل مسائي ليحتضني ويخبرني معلش ...كلهم ولاد كلب، ويكره كل من يكرهني بحماس. نستيقظ كل صباح على ٤ منبهات ونواجه الحياة سويا...نقضي أياما اخرى في حمام دافىء بالبابل باثز وأملاح للبحر، نصنع طعاما طيبا ونتشارك حياة كاملة ببيت ملجأ لأصدقاء كثيرين.

أبي أصيب بالسرطان للمرة الثانية في ثلاث سنوات. علمنا قبل زواجي بأسبوعين، للمرة الأولى لم أخض الحرب من موضعها، أحمد الله وأشعر بالخجل من الحمد...وبالذنب من أنني بخير ولم يصيبني العطب...

أمي وجدت يومياتي المخبئة تحت سريري مع بكائي، تحلم أحلاما سيئة وتخبرني أن أفعل ولا أفعل،  تترك صوتها في أذني بعد أن تركتني! 

أحاول أن أجد نفسي، كل يوم في الثالثة صباحا، حين تتوقف الحياة عن الدوران. والأصوات كلها، تغفو.

2.11.19

الهروب من المحبة



قضيت يومي بأكمله في محاولة الهروب من المحبة، نظفت الشبابيك وأزلت الستائر المليئة بالغبار، نفضت التراب عن المكتب، وخبئت الكراكيب في أماكن لا تصل إليها عيني، تحت السرير، تحت الكرسي، في الدرج الأخير من المكتب...في كل مرة حاولت إزالة الغبار طاردتني المحبة المهدرة بعناد وصبر، وقاومتها بمشاهدة موسمين كاملين من فريندز، اتجنبها وتطاردني، أغفل عنها فتدوس على قدمي بقوة أو تمد يدها بالسلام...أقرر بصوت مرتفع أن المحبة قوية كالموت، وهشّة كالرياح.


والآن أجلس في غرفة نظيفة بالكامل مما يسعد أنفي وحساسيتها، أفكر في إمكانية أكل المحبة، ابتلاعها بالكامل، أتغذى عليها كما يتغذى الحزن على جسدي في هجماته القاسية..
الحب الذي يهديه الآخرون، الحب الذي كان يجب علينا إهدائه لأنفسنا، الحب الزائد عن حاجة من أحببناهم أكثر مما ينبغي، والحب الذي لم يقدمه البعض لكي نبقى...

.................
Draft, Aug2018

10.9.19

النمور الوحيدة




أعرف تماما الايام التي نتوقف فيها عن حب احدنا الاخر
أنا أتوقف عن الضحك على نكاتك 
وأنت تتوقف عن النظر لي

أتقبلها بأسى قليل...اعتبرها أيام سيئة وستمر وبالفعل تمر.

أعلم أنك ستتصيد لي الأخطاء
ستُلقي بقنابل مؤلمة
تعيد التفكير في كل الخطوات التي اتخذتها لأجل إرضائي
ستخبرني أنها لا تستحق وأنك نادم

ستجرحني، سأغضب وأتمنى لو أنني فعلت كل تلك الأشياء وحدي
دون أن أخبرك
وحدي أخف وألطف

سيعود كلانا للتفكير كنمر وحيد

ننسى ما فائدة هذا كله
أن تمتلك شخصًا يحبك حينما تستيقظ وحين تغفو، يحتضنك وقت هشاشتك، يسير معك فيبدو الطريق أقل طولاً
يعتني بك في المرض ويفرح لانتصاراتك الصغيرة
يشاركك شاشة نتفلكس وديزني بلص

لن تعد الأمور اكثر بساطة على الإطلاق:
سأرغب بالطهو أحيانا سترفض بكل راديكالية
سأطلب بعض التفاصيل كالتسوق ستراها تافهة
سأدّعي تقبل اختياراتك عن غير اقتناع...ستفعل المثل

نعلم ذلك كله ونصدق ...رغم ذلك في مكان ما بداخلنا الحكمة
نصدق أنه لا بأس بأن نتوقف عن الحب قليلًا
ربما نعود بمحبة أكثر في اليوم التالي