8.11.20

إعادة تعريف

الكتابة أكثر ما افتقد من حياتي القديمة…

بعد مرور عام قليل الصعوبة، وبه كثير من المحبة، مليء بالأحداث والأحلام المؤجلة يمكنني إخباركم عن نفسي الجديدة.


بدأ الأمر حين قررت أنا وميم الانتقال لبيت واحد وحياة مشتركة…الأمر الذي لا يتم تقبله سوى بإطار اجتماعي ملائم، فقررنا أن نتزوج.


لم تكن قصة حب ملحمية كحبي الأول…كانت هادئة بدأت بكوننا متنافسين من بعيد، ثم وجود الكثير من الأصدقاء المشتركين، ثم صرنا أصدقاء، ثم خلاف كبير توقفنا عن الحديث بعده، ثم عدنا أصدقاء مقربين، ثم انتقل ل الفريندزون فاختفى براديكالية من حياتي، ثم حياة بلا معنى حقيقي بدونه، ثم فرصة جديدة، ووقوع في الحب حتى الرُكب!


لا يهم بديهيات ما قبل الزواج وتحقيقي لرغبات الآخرين...لم أكن أهتم سوى بما سيحدث بعد ذلك. وقد حدث البعد ذلك وأصبحت "مدام راء" التي لا تشعر بفرق سوى أنها هجرت أغلب الأمور التي فُرضت عليها واختارت الحياة التي رغبت بها.


في البدء كنت غاضبة أن نمط الحياة الهاديء المساند موجود في العالم ولم أحصل عليه. غضبت من أبي وأمي بشدة، من نفسي قليلا وغضبت من حبيبي أيضا لأنه لم يتفهم الكثير من الأشياء…


 أعتقد أن جزءًا من توقفي عن الكتابة أنه كان يقرأ ما كتبت هنا قبل أن يعرفني، قرأ حينما تعارفنا وسيقرأها مهما أخبرني أنه لن يفعل. على الأقل جزءًا كبيرًا مني يدرك هذا. والأمر مزعج بشكل خاص أن تخبر العالم بروايتك فتجد أحدهم يقامرك بالرواية الأخرى. والرواية الأخرى لا تخص مساحتك الشخصية على كل حال!


حسنا لنعد مجددا…

امتلكت مساحة خضراء في البلكونة، وعانيت فقد معظم النباتات بسبب فطر أبيض لعين، وحشرات صغيرة تشبثت بحياتها وبأوراق زهرة الفل المفضلة لأمي، الزهرة التي اهدتني اياها، بذلت ما بوسعي ثم خفت أن أفقدها تماما فأعدتها لأمي. وقررت أنه يكفي هذا وأعدت البقية إليها أيضا لأنني لم أحتمل المزيد من المعاناة. أريد أن أتقاعد في السابعة والعشرين من عمري بعنفوان.  بعدها تبنينا قط مر بحياة صعبة فقط لأنه Low Maintenance ولأن ميم Cat person كما قال الكتاب.


 مؤخرا كنت أعيد شريط الأصدقاء الذين رحلوا وأخبر ميم أنني لم أغفر هجران أصدقائي أكثر بكثير من هجران من أحببت. وحينما مررت بأكبر فقد لهؤلاء الأصدقاء في الخمس سنوات الماضية لم أعرف بالتحديد لماذا لم نعد أصدقاء. أسباب واهية أو أسباب كبيرة للغاية. لست أذكر سوى الحواجز المتعددة، ولا تحضرني نقطة الانكسار أبداً… ألعن ذاكرتي التي تتخلى عن تلك التفاصيل وتتذكر أنني كنت أقود خلف عربية نصف نقل على الدائري حروف عربتها ن ق ل

نسيت أن أذكر بأنني في الحياة الجديدة تخطيت خوفي من العلب الصفيح التي نجلس بداخلها ونقزد بسرعة جنونية في عالم قمة العشوائية. فأصبحت سائقة جيدة نسبيا في وسط البلد وبريمو على الطريق الصحراوي.


من انا؟


في الواقع لا أدر! وأتهرب من السؤال كلما انفجر بعقلي

أحاول إعادة سَطر قناعاتي، وبلورة ذاتي الجديدة، أحاول أن أتوقف عن الوقوف في المنطقة الحياد وتكوين رأي ثابت لنفسي عن نفسي على الأقل… ولا أدر سوى بعض الحقائق الواضحة مما سبق وهي: أنني صرت امرأة سعيدة ومتزوجة ، تحاول أن تخبر العالم أن  حياتها لم تتأثر سوى بتفاصيل لا تهم الآخرين، تُجيد صناعة الفلات وايت وتترك الكوب يسبح في ألوان تدريجية، تتحدث الأسبانية برداءة-حتى الآن- لا تتذكر الأحداث الهامة، فقدت الكثير من الصداقات واستنفذت حظها بالكامل في الحصول على أصدقاء بنفس الجودة، لا تعلم بعد كيف تتخلص من الغضب، وتخلصت من القليل من المخاوف، وتتخلى عن التعاوير التي تمتلكها في الوش -حرفيا- 

تتمنى لو أن العلم يخترع تقنية جديدة لإزالة جروح القلب بالليزر لأنها -أقسم لكم- مفيهاش معلش أكتر من تعاوير الوش. 

وستحاول أن تعود للكتابة, كلابي كده.