تمر الأوقات بهدوء حزين.. كل ما يشغل عقلي في نهاية اليوم وقت عودتي هو..
"يا ترى ألعب كاندي كراش ولا سابواي في الطريق؟"
وينتهي بي الأمر استمع بأسى إلى جدل يغنون" وين راح حبيبي.." وارفع صوتي معهم في مقطع "حبيييييييييي ببييييي آه آه آه " ولا أبالي بأن صوتي لا يصلح لأكثر من المحادثات والجدالات الخفيفة.. مع جدل الأمور لا تحتاج سوى لتلك البساطة.
لم يعد أصدقائي يروني الكائن المشع المليء بالبهجة مهما حاولت، لم أعد كالسابق أبداً، لم يعد لي رغبة بالبهجة والرفقة سوى ما يكفي قوت يومي، إلى أن أنتهي مساءاً وحدي.. أضع مانيكير أحمر أو بينك ثم أزيل آثار عدوانه قبل أن أغمض عيني وأكافح طويلاً ليغلبني النوم ، ليس ذلك سيئاً للغاية.. لدي الكثير لاتطلع لأجله.. لكنه الـ" خروف الضائع*" دائماً.. ما تفتقده في حياتك .
اليوم أكتشفت بأسى أنني حتى لا أمتلك أختاً صغرى أشاركها الحكي في المساء أو يؤرقها ضوء الأباجورة أثناء تعارض رغبتي في القراءة مع رغبتها في النوم، ثم أكتشفت أني أقوم بجميع الأعمال وحدي منذ قديم الأزل.. تخيل معي.. تختار موسيقى تلائم زوقك وحسب.. ملابس تشبهك وتتسم بهدوء قاتم أحياناً، أحذية متلائمة مع المشاوير الطويلة، حكايا فردية، حجرة لا تمتليء سوى بصورك المعلقة مع أصدقاء تتمسك بهم قدر استطاعتك، لأنهم أقرب من تمارس معهم الأفعال الساذجة المشابهة لتلك الأمور..الأمور التي تختلف تماماً عن إيقاظ أحدهم مساءاً وإخباره أنك تشعر بفزع مجدداً من الفقد..
اليوم كانت الأصوات تبتعد كثيراً على غير المعتاد.. ذَكرني الصمت بفيلم gravity .. حينما سأل جورج كلوني الست ساندرا.. عن أكثر ما يعجبها في الفضاء.. فأجابت: " الهدوء" ..
السماء أيضاً بدت رائعة..بودار الشتاء هي الأعظم في الفصول بالنسبة إلي .. لا أتذكر سوى أن هذا الجمال يذكرني بصوت فيروز يذكرني بك..و.. أتوحشك بشدة .
كم عام مر وأنت هناك وأنا هنا وحدي بعد سكون جميع الأصوات!
كم من العمر قضيناه نفتعل شجارات قليلة ونفعل أشياء للمرة الأولى، أو نكتب أشياءاً مكررة عن الفرنسية في بداية عقدها الرابع، ونخترع أجهزة لقياس الأشياء التي لا تُقاس كالـ لافوميتر! ..
أكتشفت اليوم تحت قطرات المطر أنني تخلصت من كل ما يعيقني من الوقوع في فخ النوستالجيا سوى ذاكرتي الحمقاء لو فقط يمكنك الاحتفاظ بذلك الجزء سأكون في قمة امتناني..
في المرات العديدة التي تمر بها في يومي اتساءل هل أمر ببالك الآن.. ولا أعلم لماذا أهتم بالكاد؟ في كل الحالات سأرسل لك طاقة نور وأظل أنطفيء مجدداً ، حتى يهيئ لي ربي من أمري رشدا..حتى يمر الشتاء وتبدو الأشياء أقل جمالاً مما هي عليه الآن ويخفت ضوءك قليلاً بعد..
الوقت يشفي ويقتل في الوقت ذاته وأنا لم أتقبل موتك بميلاد الشتاء وإن افتريت على النسيان كذباً .
.......................
*إنجيل لوقا
" أي إنسان منكم له مئة خروف وأضاع واحداً منها ،
ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟ "