اليوم سأكتشف مجدداً كيف يمكن أن يكون فِعل الحركة بعد الاستيقاظ من أصعب الأشياء في الكون، كيف أن عبور الطريق من الأشياء الصغيرة المؤرقة التي لا أعلم كيفية فعلها بالطريقة الصحيحة لأنني أخشى تلك الكائنات المصفحة ذات العيون المضيئة ليلاً.. اليوم سأقف أمام كُشك الجرائد وأنا أنظر نحو المجلات -كالعادة- دون أي رغبة في شراء أي شيء وسأنظر دون أن أرى نهائياً الكتب مرصوصة بعناية وكذلك لن أهتم بإلقاء التحية على عم محمد كي استمع لـ "صباح الخير يا ست الكل عاملة ايه النهارده؟".. اليوم سأقف في المسافة الفاصلة بين محطة المترو وكُشك الجرائد موجهة نظري نحو علامة محطة المترو بصعوبة وأنا لا أعلم تماماً ما الذي يجب فعله وأين سأتجه ولماذا أقف هنا.
سأسألني إن كنت على مايرام أم أنه يجب عليّ إيقاف أحد سيارات الأجرة بدلاً من المترو؟..وسأتوقف كثيراً لاتخاذ قراراً بتلك البساطة.
اليوم ستملأني التوهة كما يحدث مؤخراً وسأقاوم رغبتي المضنية في الالتفات نحو الشخص القابع بجواري في عربة المترو لأحدثه عن الألم، سأقسم له أنني لست مريضة بالنوستالجيا وأنني أنتظر المستقبل بشدة، فينتهي بي الأمر أحاول القفز فوق عدة درجات سلم مرتفعة مرة واحدة لأجدني أسقط للخلف بدلاً من الصعود للأعلى رغماً عني.. سأخبره أن من أحببتهم بشدة -بدرجة لم أعرف شخصياً أني أمتلكها- خذلوني بصدق لا أستطيع وصفه بالكلمات، أنني كنت سأرحل عند نقطة معينة وأنهم استبقوني في الرحيل وأصبح شعوري بالخذلان والهجر يدفعني لعدم الرغبة في التقرب من أحد لتلك الدرجة مرة أخرى، أو حتى الحكي لأن الكلمات ستأتي مكررة مشبعة بالكره مرة وبالحب مرة أخرى إلى ما لانهاية..
سأذكر أيضاً الشخص الذي تعدى على خصوصياتي بتلك الطريقة الوقحة وأدعو عليه بأن "إللهي يقتحموا خصوصياته ويعسكروا فيها، ولا يعرفش ياخد نفسه قادر يا كريم"، سأذكر له أني توقفت عن الكتابة في النوتبوك، وقطعت عادة الجوابات، ولم أعد أُحضر الكاب كيكس لأجلي، ولا أقرأ ما يكفي روحي، لا أهتم بالأصدقاء الذين يهتموا لأجلي، ولم يعد لدي فضول كافِ يتسع للأشياء العظيمة في العالم..أصبحت أمل من كل شيء ضمناً ومجملاً.
سأبكي كثيراً ثم أسأله إن كان يتفهم ولن يجيب؛ لأنك لا تأخذ أحدهم فجأة من واقعه المأساوي لتقص واقعك المأساوي أيضاً وتنتظر منه أن يتفهم ما لا تتفهمه أنت نفسك بسهولة!
سأشكره على وقته الثمين ،وسأخرج بسرعة من العربة لأتساءل أين كنت أتجه بالتحديد؟!
ثم استمر في السير .. أو ما شابه..