22.10.15



كل يوم فيه طقوس نوم محددة بعملها، صحابي اللي يعرفوني أوي عارفينهم كويس: بغسل أسناني لمدة دقيقتين وأسرح شعري وأعدل السرير وأنط جواه... وأنا صغيرة من أبعد وقت ممكن أفتكره كانت الطقوس موجودة بس مختلفة شوية : لازم آكل كوباية الزبادي، وأبوس أمي، وأنام...
أحياناً كتير كان بابا بيبقى مسافر أو بايت برّه فبنام جنبها في السرير الكبير، وأحيانًا أكتر كانت بتجهز لي الحمام وتدفسني في الشتا جوا البطانية وهي بتسألني على أهم قرار ف اليوم: "هتاخدي كوباية الزبادي بالعسل ولا بالسُكر النهارده؟"
مش فاكرة في سن اد ايه بطلت أبوسها كل يوم بالليل...ومقدرتش أستوعب غير متأخر إن ده الكونكشن الجسدي الوحيد اللي كان بيحصل بيننا كفعل صادر مني وبيقولها إني بحبها وراضية عنها.

من 4 سنين كنت واقفة عند باب أوضتي بتخانق معاها خناقة كبيرة ،احنا عادةً مبنتخانقش، لحد ما روح المراهقة الغاضبة اللي جوايا طلعت عليها، وقلتلها اسوأ حاجة ممكن بنت تقولها ﻷمها. كنا بتخانق على الخروج والمواعيد والناس هيقولوا ايه، قلتلها : أنا مش عاوزة أكون زيك لمّا أكبر!
الكلمة كانت قاسية...حتى لو اتصالحنا بعدها بيوم ونسينا، أو أقصد عملنا نفسنا نسينا...

من كام يوم ماما جات معايا نجيب حاجات، حسيت إنها تعبت من المشي معايا، فأنجزت بسرعة عشان نروّح ولما وصلنا قعدت مع نفسها ساعتين ولاقيتها داخلة عليا الأوضة بتقول لي :"يللا نفضي اوضة أحمد ونرمي المكتب والكمبيوتر نديه لحد محتاجه عشان عاوزة أشتري مشاية..."

بعدها سابتني وعملت مكالمتين؛ الأولى كلمت حد يصلح الكمبيوتر، والتانية كانت بتسأل خالتو تجيب المشاية الكهربا منين، ففي وسط الكلام تقريبا خالتو سألتها هي عاوزاها ليه؟ فقالت لها عشان بطلت تمشي كفايا وبتتحرك بالعربية طول الوقت فعضلاتها بدأت تتعبها من أقل مجهود.."احنا كبرنا و لازم نهتم بنفسنا... مرة رضوى قالت لي من سنتين أنا مش هبقى زيك...ومن ساعتها وأنا حلفت لاخد بالي من نفسي".

مستغربتش عموما انها لسه فاكرة..ومربطتش نهائي بعدها إنها حاولت تغيّر حاجات في نفسها، حاولت تحضر معايا مسرحيات وتشوف أفلام مترجمة وتدخل ع النت، وتوصلني النادي، وتزعق لي لمّا تلاقيني بطنش الأدوية أو بكسل أعمل التحاليل أو  أو...

ممكن أمي متكونش سوبر ماما وعملت اختيارات اسوأ من ذكائها، وطول الوقت بتشتكي وتبرطم وتقول إنها هتسيب البيت ومفيش ام ف الدنيا مفروض تهدد ولادها بده.

بس منكرش إنها علمتني كتير في السكة، كفايا إنها علمتني القوة وإني مبقاش عبء ولا استنى حد، علمتني الفرق بين when & where وإني أسامح وأرمي وأعمل الصح ومش مهم المقابل، علمتني السواقة، والرسم، وعمل الفرينش توست لايك آ بوص، وإني لازم أحط البانيه ف التلاجة قبل ما أقليه، ومبطلش أبوسها كل يوم قبل ما أنام و استناها تطلب حاجة من آخر الدنيا عشان نتفاجيء بيا بخذل توقعاتها الغلط تماماً وبجيبهالها...
أنا بحبها بشكل إعجازي ومتحيّز لو عِرفِته هتستغلني بأسوأ الطرق، وجايز ده كله عشان أنا كنت الوحيدة اللي بسمعها بتصلي وتعيط كل يوم بالليل واحنا نايمين وتشتكي مليون حاجة مش قادرة تشيلها لوحدها، ومفيش حد ساندها، وعشان فضلِت موجودة رغم تهديدها المتكرر إنها هتمشي.
آه بالمناسبة احنا جبنا المشاية وهنفتح جيم قريب في أوضة أخويا. وكنا قاعدين من ساعتين نشرب نسكافيه وشاي بنعناع فريش سوا وبنتناقش في أهمية وجود زرعة نعناع في بلكونة كل بيت.

صباح الفُل/النعناع يا اللي هتعدوا هنا الصبح :)

..