وحدي أنا عالم مزدحم ، يسعى العالم بأسره لاكتشاف تفاصيله الصغيرة التي تبقيه صامداً وجاذباً بشكل غريب ، فاكتف بالابتسام في تخابث ثم أغلاقه أكثر.
لن أشكو اليوم عن العثرات أو الآلام ، كيف تكتب عن الروح وجروحها ، كيف تضمدها وأنت لا تعلم كنهها ؛تبدو تلك الأمور مبتذلة عند التكرار وإن كان شعورك بها لا يتغير يوماً.
التوحد ، الوحدة ، الوحيدون ، هم كما هم دائماً لا شيء يحتويهم ولا أحد سوى الله...
سابقاً كنت أحتفي بوحدتي ، أصنع أكواباً دافئة وأجلس لأقص الحكايا لنفسي ، أعيد ترتيب خلايا تفكيري وأتقوقع بداخلي ، ثم أكتب وأكتب حتى تملني الكتابة ، أنا لا أعلم الكتابة كما أخبرتك من قبل لكننا أصدقاء منذ الأزل .
اليوم لا يمكنني الانغلاق والتقوقع وحدي أصبحت الوحدة حِمل يجثم فوق صدري ، أعلم أنه يوجد مثلي الكثيرون فقط لم أعد أجدهم ، أو أجدهم وأهرب منهم كي لا يجدوني ، تلك الأمور أكثر تعقيداً من الحكيّ عنها أيضاً .
الأسوأ هنا ، أن وحدي لم تعد تكفي ، حينما يملأ الونس خلايا روحك فلا تتوقع العودة لسابق توحدك بسهولة وأنت وحيد بالفطرة فلتتحمل لعناتك بصدرٍ رحب ودمعات مختلسة وسط ابتساماتك الزائفة.
إن
أردت أن أصدقك القول ، فأنا لا أعلم ما أفعل هنا ، وددت أن أجد أحدهم
يخبرني أنني لست أبالغ في ردود أفعالي وفي ما أشعر ، فارتميت بجوارك لأقص
كلاماً لم يكن عبثاً ، العبث شيء أكثر تنظيماً مما قلته لك ، وعدم المعرفة
أكثر إفادة من تكراري (لا أعلم ما الذي أمر به!) ، هو شيء مؤقت معتاد ولا
يطاق أحياناً، أنت لم تخطيء فقط لا تبالي مثلهم جميعاً.
حينما تصل لهذه الحالة أنت لا تريد من يفهم ، تريد من يشعر بك فقط، من يتذكرك في وسط تفاصيل يومه الكثيرة ، من يخبرك أنك الأجمل حينما تبدو في حالة يرثى لها ، وأنك الأعظم حينما تقع وتطالك الخسائر ، من يمسك يدك ليعبر بك للجهة الأخرى ، ويتواجد لأجلك طوال الوقت.. تعلم يا عزيزي ، تلك مبالغات أيضاً لن تفهمها اليوم ، لكن ربما تتفهمها يوماً .
والآن سأتركك لأتخفف من ملابسي المُرهقة مثلي ، وأحاول للمرة المئة بعد المليون اجتذاب أطراف النوم ، وأحاول عدم أنتظارك لتأتي فتطرد الأشباح المُحيطة ، وأستعد لأسوأ الأوضاع الممكنة التي ستطالني وحدي .
تُصبح على ملائكة
..
العنوان لــ سوزان عليوان