14.5.13

ديجافو..بس مش بالظبط




ينظر نحوي في صدمة بوجهه هاديء الملامح وبصوت مندهش :
"ايه!  بتقولي قولتيله ايه؟ "
أشعر بعينيه تخترق عيني فأديرهما لأمسح المكان من حولي جيداً وابتسم بهدوء مستدركة :
"والله زي ما بقول لك كده.. قلتله أنت حمار ايه اللي أنت بتقوله ده.. حمار كانت شتيمة على أيامي بالمناسبة "
يطيل في الحديث :
"حمار مش شتمية.. ديه صفة ،أحكيلي كده من الأول.. "

ابتسم وأعبث بالأوراق في يدي وأنا لا أنظر إليها ولا إليه..استرجع الحدث في ذهني، وأحكيه له بسخرية..
كنت في الصف الثاني وقتما صحبتني أمي لحفل عيد ميلاد زينة أو زينب ربما زيتونة لا أذكر بالتحديد..ابنة صديقة والدتي على كل حال.. أنا بفستان قصير بنقشة ورود حتى ركبتي القصيرة مزين بفيونكة خلفية وبشعري المصفف بعناية كان يميل للون بُني وأطول من رقبتي قليلاً بقَصَته "الكاريه" ليس شعري بُنياً و لكن هكذا اذكرني حينها.

كان الحشد كبيرًا وأنا أتشبث بملابس أمي وأُصَاحِبُها لكل مكان..حتى حدث ما حدث وأنقسم المجلس لأحاديث الكِبار، هنا كانت نقطة التحول، عندما أجبرتني أمي على التواجد مع تلك الكائنات المتوحشة الأخرى التي تملأ المكان، وهم مجموعة من الأطفال ينبهرون بالشمع الذي يُضيء كلما اطفأناه ويركضون حول طاولة الطعام، وربما أيضّا تجدهم يختبئون في أحد أدراج النيش..!

كعادتي الانطوائية كنت أجلس بهدوء لم أكن أتحدث كثيراً حتى أتى واقفاً أمامي بشعره الأصفر وعينين خضراوين تختبيء خلف عوينات بإطارات حمراء ، كان يبتسم وهو يطلب مني الرقص..وكغلاستي المعتادة لم أعيره انتباهاً..

حسناً لا أذكر ما حدث سقطت من ذاكرتي تفاصيل اللحظة ولا أتذكر سوى أنه تغلب على غلاستي او ربما كان أكثر غلاسة مني فانتهى الأمر بي أرقص معه "سلو" يومها في نهاية الأمسية..
وحينها تطوع بإعطائي رقم هاتفه المنزلي لأتصل به فوق منديل أرجواني من مناديل السُفرة وكان بالطبع الهاتف الذي تمتلكه أمي في الأصل بحكم صداقتها لوالدته..

حينما أتى وقت الرحيل ، اقترب مني يُقَبلني على وجنتي و يخبرني بأني جميله جداً وأنه يُحبني .. لم أستطع احتمال شعوري حينها فانفجرت يومها في وجهه وأنا أصرخ به : 
"أنت حمار..ايه اللي أنت بتقوله ده..أنا مش هتجوز دلوقتي"..

عدت إلى الواقع وانا ابتسم من سذاجة الموقف.. وهو يضحك بشكل هستيري أمامي..:
"هو أنتِ طول عمرك مجنونة وضروبش كده.."

أتمتم بما معناه أنه يستحق ما أصابه وقتها.. ويباغتني خجل شديد من قول المزيد . ينتهي اليوم سريعاً كالعادة، أودعه وباقي الرفاق وأعود للمنزل..أغفو قليلاً فاستيقظ على صوت رسالة نصية قصيرة منه..

"بس إن جيتي للحق.. هو مكنش حمار.. خالص .. أو..ما يمكن أنا حمار زيه ! "

...