8.12.18

تكسير التلج



أتوقف عن فتح فايل الوورد لكن لا تنفك الكلمات تنسكب  داخل عقلي دون وعاء يحتويها: تناغشني وأنا أعمل، أركض في الجيم، أنتظر الباص، أتظاهر بالاستماع لحبيبي حين يتعمق في الحديث عن تفاصيل علمية لا أفهمها، أو حتى استيقظ من النوم بأحلام شديدة الارتباك، الصالحة لأفلام سينيمائية رمزية غير مفهومة.

تأسرني فكرة -خاطئة ربما- عن أن اللحظة الأجمل من تحقق الهدف هي الخطوة التي تسبقها... الأجمل من القبلة مثلا هي لحظة انتظارها...الأنفاس المتسارعة، الأعين المغمضة، الدفء المحيط والحواس المتضاعفة بشكل غير مفهوم للعامة.
ينطبق الأمر نفسه على فقرة شراء السيراميك، الاختيار أروع كثيرا من القرار النهائي. أعتقد أيضا أن والدة ميم لا تحبني، بالتالي فقرة ما قبل تعارفنا كانت أفضل كثيرا.

كذلك لحظة الرغبة في الكتابة، حينما تأسر العقل ويصبح كل شيء واضحا ومستعدا لتركك والسكون في فضاء إلكتروني يمر به الكثير من الأغراب يبحثون عن كلمة تبل ريقهم!

انتهيت من مناقشة دراسة التيرم مبكرا، أحضرت النوتبوك وكتاب لمؤانستي حتى يحضر ميم، لم أره منذ أسبوعين على الأقل-دون احتساب مقابلات الأهل المليئة بالتظاهر والفشخرة، وفقرة شراء السيراميك مع مهندس الديكور. لم اره منذ شهور ربما! أنا وهو لا نتفق أبد في الشعور بالوقت، أشعر دوماً أن الأيام طويلة لا تنتهي بسهولة، مليئة بالأحداث وهو العكس تماما. 
أغضب لأنني أفتقده!!! عقلي مقتنع تماما أنه لديه ما يكفي من المشاغل والأسباب المنطقية، وقلبي غاضب كعيل صغير خطفوا منه عجلته الصغيرة لأنها ممنوعة...سيتطلبه الأمر الكثير من المدادية وتقبل دلعي وقلبي العبيط والكثير من ال"طز فيك ع الآخر".

بالأمس زارتني الضيفة الثقيلة "البيريود". لم أرغب ف التحرك من السرير. أتناول حبايتين مسكن وأنتظر بصبر ان يتوقف تدفق الLava بلا ألم.
أتذكر والدة صديقتي التي تؤمن أن كل ما يصيبنا من لخبطة هيرمونات سببها فقط أخذ المسكنات حينما يحاول جسدنا التخلص من بذوره الغير مخضبة، يلتفت انتباهي أن المرأة عليها عبء كامل من الألم فتشعر بالذنب الغير متناهي حتى حينما يسعفها قرص مسكن لاحتماله!
كنساء لدينا إرث كامل نحمله كجزء من تكويننا، ربما يحاول الله أن ينشّف عضمنا في مواجهة آلام الحياة الأخرى، ومع ذلك لا أفهم رفضها تناول مسكنات يومين ف الشهر! أضرب بكلامها عرض الحائط وأتناول مسكن اليوم تاركة إرث الألم لكل من يرغب بحمله. أما أنا فاعفوني والنبي! 

اتحمس لاقتراب انتهاء منزلنا، لم نمر بعد بخناقات الفرح الذي يرغب أهلنا بعزومة ٥٠٠ شخص فيه، أو رغبة طنط في عمل احتفال عملاق في الكمباوند على البحيرة...يسمع ميم كلامي عن رغباتهم فيتعصب قائلا:"رضوى مفيش فرح. انتي عارفة بيعملوا ايه ف العريس ف الافراح؟" اضحك واعتذر لأنني لا اعلم تماما!

أتشجع أخيرا للاعتراف أنني أخاف الموت؛ لأنني أخاف أن أكون أعبط من أن يكون "كل اللي سيبته كلام"...والكلام الحقيقي بقي عالقًا داخل عقلي الذي توقف عن رغبة مشاركة حياته مع العالم.