2.9.18

Memory Rust



حدِّث أحداً عني
لا اتحمّل فكرة اختفائي تماماً عن عالمك 
لا يمكنني التأقلم مع فكرة وجودي كما قَبر في قلبك
قَبر صامت محروم من النور.
لا أريد أن أكون نقشاً 
على الصفحة الأولى في كتابك
او افتتاحية لثلاثيّتك 
هل نسيت كل احاديثنا؟
هل ستتمكن من مواصلة الحياة دون نطق اسمي؟

حدِّث أحداً عني
حتى لو كان الأمر مؤلماً
أذكر أنك أخبرتني يوماً أن لكل فرد غرفة مظلمة في منزل روحه
ترى هل وضعتني هناك؟ في غرفتك المظلمة؟
أمازالت صوَري تتلوى على الحبال الواهية لذاكرتك؟

حدِّث أحداً عني
لا تتركني اتلاشى كما صورة قديمة
يمكن للزمن أن يصبح قاسياً بهكذا وضع
مع هذا، ما زلنا أنا وأنت نتنفس في هذه الحياة غير المنصفة
هل هناك معجزة أعظم من هذه؟

حدِّث أحداً عني
لا أريد لقصتنا أن تنتهي على هذا النحو
ووحدها كلماتك قد تنقذنا
ضع الكبرياء على جنب لبعض الوقت
وحدِّث أحداً 
أو ..
حدِّث العالم عني .

لانغ ليف
ترجمة:فاطمة_نعيمي


...................................................................




الذاكرة ليها طريقتها في الإنجذاب لأحداث بعينها...بشكل مضحك.  رغم إن في الكادر نفسه عمري ما اهتميت ولا وقفت أفكر لثانية إني هفتكرها ولا تخيلت إني بعد 4 سنين هكتب عنها.

كنا في رمضان، والجو كان حر جدا الصبح، اتقابلنا في ألف الزمالك أيام ما كان فيه ألف في الزمالك! كنت لابسة بنطلون بني مش بحبه أبدا، وكنا بنحكي ف كلام كتير.

اليوم اللي قبله كان يوم عيد ميلادي مش فاكرة جاب لي إيه نهائي دلوقتي. بس فاكرة إنه كان قاعد بهدوءه ورزانته المعتاده ع الكنبة ف التكييف مستنيني، ولما وصلت أخدت لفة مع الكتب وقعدنا نتكلم عن المستقبل.
مستقبلي مكنش فيه هو، ومكنش فيه حد، كنت متخيلة إنه هيبقى هنا، وكنت متخيلة -بصورة مضحكة جدا- إني أكيد مش هوصل هناك. مسك ورقة وقلم وقال لي: أنتِ شاطرة ف ايه؟ قلتله الكتابة والتصوير. 
وبعد خمس سنين هتكوني بتعملي ايه؟ بشتغل مهندسة شاطرة في شركة انترناشونال. وبكتب وبصوّر!
كتب لي ده. وبعدها سكت حبة وفكر وكتب لي في النوتة: اتشقلبي وخليني أنجح السنادي!!! وفشلت. فشلت أحمي اللي بحبه من الحزن والزعل وكسرة النِفس.

فضلنا قاعدين لحد الساعة 4 لحد ما كان لازم نمشي عشان هيقفلوا المكتبة للفطار، والبنت اللي كانت واقفة على الكاشير كانت لطيفة جدا معانا... يمكن كان ولد! مش فاكرة.

كنا بنسجل كل حاجة بتحصل، أو أنا ع الأقل، في نوتبوكس كتير عندي، ورقها أصفر وصفحتها بيضا من غير خطوط، عمري ما كنت بحب الخطوط بتقيدني وأنا بحب ساعات أشرب من البحر. 

لمّا سيبنا بعض في لحظة غضب منه قطعت كل الأوراق والذكريات المرمية ف النوتبوكس والجوابات، ولميتهم كلهم وكلمته بغضب بنت مراهقة بيتكسر قلبها غصب عنها لأول مرة. قلتله: الحاجات بتاعتك جمعتها ومش عاوزاها، احرقهم ولا هتاخدهم؟! قال لي خليهم هاخدهم منك. مش فاكرة كنا ساعتها صحاب ورجعنا تاني بعدها ولا مكناش، بس فاكرة إني كنت بحاول أطلعه من تحت جلدي، بحاول أمسحه تماما، وبفشل كل مرة. 
زي ما أكون عاوزة لما اسأل نفسي في المستقبل هو كان موجود ولا لأ، نفسي تقول لي ايه الدليل على وجوده! فاقولها مفيش! اثبتي كده!...كنت عاوزة المحبة تتبخر في الهوا بكل سذاجة.

ساعات بحس إن الحزن لسه موجود رغم إن الحب اتبخر تماما زي ما اتمنيت وقلبي اتفتح للحياة بكل صدق وإيمان بيا. أو يمكن فيه حنين معين للحالة اللي عشتها وقتها بشكل مرتبط بيا أنا مش بيه إطلاقا، ليه مش مرتبط بيه؟ عشان أنا مش متأكدة أبدا إذا كان حبني بس أنا عارفة كويس اوي إني كنت ومازلت جميلة واستاهلت أكتر من كده بكتير. وإنه كان جميل بس وقته مكنش مناسب لوجودي.
بفكر إنه ممكن دلوقتي تكون الذاكرة بتلعب بيا وكل الكلام اللي اتكتب فوق ده محصلش. يمكن ده كله مجرد gaslight ، ملوش أي أساس من الواقع اللي كان، بس الدليل كان موجود في نوتبوك زرقا ورقها أبيض مكتبتش فيها أي حاجة عشان مسطرة. وأنا عمري ما كنت بحب السطور!