6.2.18

محاولة خاسرة لتنمية الوعي القلبي

أشعر بالكثير من التفاصيل الصغيرة والكبيرة تبتلعني في صمت ويصيبني الخدر بالكامل. أسأل صديقي بالأمس لماذا أصبحت بهذا الانغلاق- حتى معه- فلا يعلم. ولا أنا. يسألني لماذا لا أكتب؟ فاخبره بأني لا أرغب. أحاول وأجد نصوصي تأتي فارغة من الحياة وغير صادقة. 
ينصب قلبي محاكمة حول أحوالي ويثور فأضعه في غرفة عازلة للصوت حتى ينتهي من مظاهراته ضد قسوة الحياة ويسيطر عقلي تماما على كل شيء. العقل ليس أفضل أداة للكتابة...أو الحياة.

بالأمس رفض قلب جدتي الحياة
بعد أن تمرد من قبله كليتاها
الرئتين
المعدة
حرارة جسدها
ورفضُت منذ يومين أن أراها لأكثر من خمس ثواني على هذه الحال؛ كي لا تعلق الصورة في ذهني، ورغم ذلك فشلت وبقيت هناك كآخر صورة تنير فولدر ذاكرتي عنها. 
أتاني هاتف من أبي في العمل فانقبض قلبي، لم أبكِ حتى احتضنتني مريم...سأل عقلي قلبي العبيط لماذا يبكي؟ فلم يستطع الدفاع عن ألم الفراق وقرر عقلي أن يحضر بإجابة مقننة: بكيت لأنني لا أعلم ماذا سأفعل الآن بأكياس التوابل والسوداني الأسواني..

في هذه اللحظة أنا لا أستوعب الحياة ولا الإيمان ولا الموت، كذلك طردت الحزن في الكثير من الأيام حتى أصابني العطب في الشعور...ولا أستطيع تفسير استيقاظي في الرابعة فجرا يتردد بأذني صوت الست تشدو "كلموني تاني عنك فكروني...فكروني"، لأذكر مناسبة تشغيلي الأغنية منذ شهور في إحدى مساءات الخريف حين طلبت جدتي أن "أشغل لها حاجة تصهللنا" من أغاني أم كلثوم وحينما انتهت الموسيقى وبدأ الغناء...بكت. سألتها إن رغبت بأن أوقف هذه الأغنية بالتحديد فأشارت بالنفي وبكت حتى تخلصت من الحزن وطلبت مني أن أعيد تضفير شعرها الناعم كالعادة بعد شده بقوة.


ربما إن سمحت لعقلي بالتراجع قليلا لإدراك أنه لا مزيد من "السڤن في التلاجة" أو "البسكوت بالشوكولاته في البونبونيرة" أو "خديلك ترمس وأنتي ماشية" لأصبحت مهمة الاستيعاب والاعتراف بالحزن أخف وطأة من إخفاءه والاستمرار.