22.5.17

أنا زارني طيفك في منامي لأني بحبك



لم يرزقني الله بفصاحة بلال علاء في الكتابة عن الحزن والانهزامات ثقيلة الوطأة، والملاحم، والحماسة الزائفة...لم يهديني أيضا ما يكفي من القبول الأدبي لأردد كلمات مثل: الانهزامات والملاحم والوطأة دون أن أبدو شديدة الابتذال أمام نفسي في المرآة وأمام الآخرين...
منحني الله لسانًا معقودًا في الفرح الشديد، وجسدًا ضعيفا يتسرب نحوه الحزن كتسرب الماء من بالون مثقوب، فيصيبني بالمرض وانخفاض ضغط الدم بالاضافة إلى زيادة انعدام رغبتي في مُضيّ الوقت مصحوبة برغبتي في الحياة.


 ...............


لم يهدني الله أيضا صوتا ملائكيا كفيروز لأخبرك بأني "بشتاقلك ما بقدر شوفك ولا بقدر أحكيك".. 
فاستمر أنا بالحكي عنك لأصدقاء قليلين للغاية أحدثهم إجباريًا هذه الايام... فتستمر صديقاتي في دعم شعوري بالذنب لأنني أفتقدك. مثلا نتناول الغداء في بيت سوو، بعد الظهيرة أؤكد أنني لن أتخذ أي خطوات تتسبب في المزيد من الخراب والألم، ثم أرحل من منزلها المغرب لأدبر لنفسي موعدًا سريًا معك. أختار المكان بوضوح، ثم أذهب فعليًا للأوبرا وحيدة مع كتاب وأنتظر كي أراك..ليس هذا فقط، سأتأهب لرد فعلي المسبق حين تأتي وتندهش لوجودي، حتى أني تخيلت جميع السيناريوهات. 
في النسخة المنقحة سأتقدم نحوك لأكسر الحاجز بيننا، أنت لا تزال غاضبا قليلا فستكلمني بحيادية "ازيك يا راء، عاملة ايه؟" لن أجيبك، فقط سأمد يدي بالسلام وأبتسم. في إحدى السيناريوهات ستدمع عيني قليلا لأعتذر عن كل ما فات ولا أرغب مطلقًا بتذكره دون أن اذكر كلمة الأسف بشكل صريح...سأتساءل بود لم يعد بيننا سوى في عقلي"ايه ده بتعمل ايه هنا دلوقتي؟". لن أسمع اجابتك الحيادية مرة أخرى وسأكمل الsmall talk عن جمال الجو وبشاعة الاسباجيتي التي تناولتها للتوو وكم ان شعرك لا يزال كما هو غير مرتب ويحتاج لقَصّة شعر جديدة مثل المرة الاخيرة التي رايتكك فيها في الأوبرا أيضًا. يتأخر الوقت ولا أتمكن من استمرار القراءة في الظلام فألملم خيبتي وموعدي السري الذي لم يؤت ثماره، أستعوض الله، ثم أرسل إليك طاقة محبة ونور لتضيء لياليك الطويلة.


 ................


في كل المرات التي أصبت فيها بالحُمى في صغري كانت أمي تحملني تحت الدُش البارد وأنا أبكي من المرض والسخونة. كانت تحاول بشدة إلهائي عن مرحلة ال "تش تش" التي تحدث لي فتخبرني بكل حماس " بصي بصي السخونية بتقع ع الارض اهيه..."
وتشير نحو قطرات المياه المرتدة بعد سقوطها فأتأملها وأقتنع تماما أنني أتحسن رغم المعاناة تحت المياه البارده. ظننت الخدعة سارية حتى بعدما وهن العظم مني وامتلأ القلب حزنا، كنت أركض نحو الحمام حين يباغتني إحساس سيء وأنظر نحو الحزن يتساقط ويرتد مع قطرات المياه ثم يسقط في موقعه الملائم تماما... في البلاعة!

اليوم عدت للمنزل وحاولت، فقط حاولت أن أُلقي حزني لليوم العاشر في البلاعة ، والحيلة المتكررة لم تنجح هذه المرة.

..............


اليوم أنا موقنة أن الله لم يرزقني برغبة كبيرة في الحياة...لكنه أهداني الكثير من القوة كي لا أستسلم للموت، وتركني معلقة تماما في المنتصف لا أعلم أين أميل كل الميل، أو كيف أستقبل الحياة في الصباح.