21.1.17

في هويد الليل..وما لقيتكك!


أحب الشَعر القصير...ولا أعلم إن كنت أحبه حقًا..!
في كل مرة أحاول تركه وشأنه ليصير أكثر طولا من كتفي أراه يتساقط بغزارة، في الحمام وفوق سجاد غرفتي وفوق السرير، بين سنون فرشاة الشعر...في كل مكان. فأخاف وأختار إعادة قَصَّه...أعلم أنه سيتساقط بنفس القدر لكنني لا ألحظ...فأستمر بقصه في تمثيلية لا أمل منها.

أحب شعري مسدلا ومائلا للجانب الأيمن...لأنه يخفي الندبة المزعجة للغاية في جبهتي...والتي توجد هناك من طفولتي لتذكرني في كل مرة أنظر في المرآة بأن أخي لم يحبني يوما، لم يحميني أو يدافع عني...وأنا رغم ذلك لم أفعل سوى حبه وإعادة المحاولة من جديد.

أبي يناديني بعد العودة للمنزل من العمل وأنا في كامل إرهاقي، أتحرك بصعوبة لغرفته لأجده يجلس على السرير ويريد مني شحن هاتفه، أبي بخير وأنا لست بخير...آخد الهاتف وأضعه في الشاحن وقدمي تؤلمني وقدمه بخير!
أتذكر المرات التي طلبت منه مساعدتي ورفض لأنه "ملوش مزاج" أو لأني "عيّلة تافهة ورايقة وفاضية"...فيؤلمني قلبي فأتذمر في المرة التالية وأنا أضع اللابتوب في الشاحن لأنه لم يحاول حتى تكليف نفسه عناء وضعه في الفيشة.

صديقي المفضل الذي يكرهني حاليا جاء بالأمس بالمصادفة لمكان كنت فيه لفترة قصيرة...تجاهلني تماما، كما فعل الفتى الذي أحببته منذ عامين.

حلمت بالفتى الذي أحببته لمسائين متتاليين...أفتقده على الأغلب، أصبحت أخشى الحب من بعده بشدة، ربما صرت مريضة بالخوف من الالتزام بشخص يجلس بجانبي في حفلة غنائية فأشعر بالثقل لأنه موجود بدلا من شعوري بالاكتمال. لا أظن أنني أفتقده شخصيا  فلم أكلف نفسي عناء البحث عن أحواله أو إعادة قبول/عرض دعوة قديمة لشرب القهوة.
أعتقد فقط أنني حساسة هذه الأيام وأفكر في كتف أستند فوقه حينما ينالني التعب في نهاية اليوم، كنت أؤمن بأنه سند رغم أنه لم يهتم بما يكفي، وربما لن يهتم بي أحد بما يكفي سواي...
رغم كل شيء أذكر المرة التي تخاصمنا فيها وأصر على إيصالي ثم أصابتني نوبة الحساسية وتملكتني الكُحة بلا توقف حتى ظننت أنني لن أتنفس مجددا وسأموت دون شك...فأخذني بهدوء لأقرب كُشك واختار زجاجة مياه معدنية من نوعي المعتاد ثم تركها في الثلاجة لتبرد قليلا ونحن نجلس بانتظارها فوق مقعد غير لطيف على الاطلاق وطيب بما يكفي ليحملنا سويا مع بعض الأشخاص الغرباء. أذكر أنني استندت إلى كتفه دون وعي من شدة الإعياء وأعتقد الآن أنها الذكرى الأكثر بقاءا في عقلي الصغير.
ذكرى تؤكد أنني أميل دوما للجانب الطيب من الناس وللحنان أينما وُجد.

أُخبر سارة بما أشعر، أشعر بأنني "كوباية مخرومة من تحت" ..كلما ملأني شيء أو شخص ففي النهاية تنسل المحتويات السائلة من خلال "الخُرم" ثم أفرُغ لأجد نفسي معطوبة، أقول كل شيء وأنا أعنيها: جلسات الأصدقاء، المكالمات، الهدايا، العمل، القراءة...لا شيء يملأني ربما سوى الكتابة التي أُقصر بحقها كما أفعل مع نفسي.

سأصير بخير بعد يومين...لكن الليلة سألتزم بروحي المعطوبة التي لا ترى جدوى من الحياة وسأذهب للنوم لأذهب لعملي مبكرا...وأنا أنتوي تماماً تركه لأباشر عملاً آخر بعد شهر وأسبوع وبعدها سأتركه مرة أخرى وهكذا...