26.12.15

أنا نفسي في بيت بيطُل عليك


...................

إن استنشقت قدر كافي من الهواء وامتلأت رئتاي لحافتيهما لكنت بين ذراعيك رغمًا عني، لم أكن أدرك أنك قريبًا بتلك الدرجة. أفكر كثيرًا لو أنك فعلتها وأمسكتني بقوة وحنان من ذراعي كي أهدأ وأرغمتني على الوقوع بحبك، ملقيًا بكل اعتراضاتي ورغباتي في التملص من ذراعيك باتجاه أقرب مقلب زبالة حتى مرت العشرون ثانية كدهر كامل كفيل بتهدئتي ثم حدث ما لم يحدث واستكنت...
لا أعلم ما الذي كان يمكن أن يحدث لي ولك حينها...يتوقف خيالي عند هذه النقطة.
لكنك، كما يحدث في الروايات الواقعية للأساطير، لم تحتضنني؛ ربما لأن وجودي هناك بمقربة منك جعلني غير قادرة على التنفس ثم شعرت بالخجل فارتبكت ثم ابتعدت...ولم أستطع النظر نحو عينيك مجددًا؛ خفت أن أقع في مأساة حب التفاصيل الصغيرة بعد أن قررت ألا أحبك... خفت أن أتخيلك جواري كل صباح، مستكينا بالقرب مني، بخصلات شعرك اللامعة وعيناك المتسعة التي -وإن لا تدر- تخفي وراءها عوالم موازية من الحياة. خفت أن أقضي المزيد من الليالي بانتظار أحدهم، لا يؤنسني سوى البكاء وبعض الرفاق لا أستطيع البوح لهم عنا... لأننا سر من أسرار الكوكب الذي على قدر اتساعه لا يعادل نقطة زرقاء باهتة في كون متسع.

*كاااااات هايل يا أستاذة...*
أعلم أعلم...ستخبرني الآن بمدى سذاجة أفكاري كأغلب الفتيات اللاتي فقدن اﻹيمان بالحب...ولن يغير من الأمر شيئًا.

.......................................

ربما وددت اخبارك العديد من الحكايات عن أصول الأشياء، ماذا لو أن أصل اﻷشياء هو الوهم. بمعنى أن أحدهم الآن يفكر بي بشعر غير مرتب كليًا وملابس وردية مهندمة جالسة أمام الشاشة ﻷكتب، ويفكر بك في الوقت ذاته في العمل تحاول الحفاظ على إتزانه الذي تفتقده أنت هذه الأيام...سيظل يفعل ذلك طوال فترة عملك وجلوسي في هدوء وحينما تنفذ أفكار الشخص عنا سننفذ نحن أيضا من الحكاية وينتهي المشهد.
يقول أحمد عبد المجيد أنها فكرة قاسية وأقول أننا لا نعلم ذلك حقًا. إذن فهي ليست بتلك القسوة بعد.

*كاااااااات هايل يا عم سارتر..*
 نحن حقيقة بقدر تواجدنا...والآخرون هم الجحيم، دومًا.

.......................................

لو كنت أكثر بحثًا عن المغامرة لوقعت بحبك عن عمد، كنت أستمع للكثير من القصص التي ينسجها بعض الفتيان الأكبر سنا حين كنت في الثامنة عشر. يوقعون إحدى الفتيات المُلهمات -أو أكثر- في الحب ليكتبوهن بكل أريحية، ويرحلون بلا إثم ولا عدوان، مخلفين وراءهم قذارات أفعالهم في ثقوب بنوها بالتدريج داخل هؤلاء الفتيات...كيف يجرؤ أحدهم على الاستهانة بقلب الآخرين بهذه البساطة، وكيف نجوا بفعلتهم! يمكنني تفهُم ما يحدث في بعض الأوقات حين تتوقف عن حب شخص ما، ويكبر كل منكما في اتجاه مخالف، لكن أن تبدأ التلاعب بشخص كي لا تشعر بالوحشة، أو لا تصير وحيدا، أو لتكتب! هذا غير مقبول لعقلي ولا قلبي..وكارثي على المستوى الإنساني.

صدقني أتمنى لو أستطيع معاهدتك الليلة بأنني سأحبك...أنني سأصبح هادئة ولن أصيبك بالجنون، وأصرخ بشكل غير مبرر حين تقول أشياء كليشيهية مثيرة لأعصابي في أوقات غير ملائمة، وأني سأتوقف عن الهروب بأقصى سرعة وقتما أشاء، وأنك حين تتعامل معي ببرود لن ألقي بملابسك من النافذة وأجلس لأقلم أظافري في صمت...

الليلة لا يمكنني معاهدتك بأن أصبح موطنك الأبدي، وأُصلح كل ما تآكل بفعل الزمن؛ لأنني أنا أيضا تملأني الجروح الداخلية، التي أحيانا اضطر إلى مواجهتها ككوابيس الشتاء.
سأعاهدك فقط أن أحاول إبقاء رأسك فوق الماء، لكنني وفي الكثير من الأحيان أيضًا سأحتاج لمن يسحبني لأعلى...

..