3.6.15

إكسبكتوباترونام



أحب حجرتي الصغيرة رغم كرهي للمسافة الربع متر التي تقبع بلا استخام تحت المكتبة، وكرهي الشديد لأحد أركانها المجاورة للمكتب..أكره أن خزانتي لا تتسع للايشاربات وأضطر لتعليق أغلبها خلف الباب..فيما عدا ذلك أحبها كثيرًا.
أحبها حين يسقط الضوء وقت الغروب على حوائطها الوردية المخططة بالأبيض والأزرق الشاحب فتخبرني نسمات الهواء بأن الأمور على ما يرام في هذه الدقائق - فقط - المعدودة...وأن الحياة طيبة مهما لامسنا غدرها طوال اليوم، وهذه الحالة الوحيدة التي قد أستمع لـ لويس أرمسترونج يغني what a wonderful world دون أن أدعي عليه وعلى اللي خلفوه عشان كداب وابن كدابين.

أحب حدود الحجرة أيضًا : المنطاد المُطل بألوانه الزاهية على الباب الخارجي، والمكتبة التي تحتوي أصدقائي ودفء ممتد لسنوات عديدة، أصدقاء لم يتخلوا عني يومًا ولم أهملهم. بل وأدين لهم بالفضل في مواقف عديدة.
أحب الستائر والشباك المتسع حتى التكييف الذي أتخيلني جالسة فوقه أضع قدما فوق الأخرى وأحركهم للأمام والخلف وأنا أتناول آيس كريم من كولد ستون..

تعويذة 1: أنا الآن في موقعي المفضل أستمع لموسيقى تركية، وأمريكية، وأكتب...


.................................

*تعريفات* 

الحزن الثقيل الذي نستيقظ به صباحًا : ما هو إلا محاولة لانسحاب أحد الراحلين من دمائنا ، دون أن ندرِ!

الحزن الذي نحمله معنا قبل النوم ويتسبب في حرائق - رمادها - هالات سوداء، صعوبة في التنفس، وأنين في القلب : ما هو إلا لعجزنا عن إقتطاع الأجزاء السليمة الباقية داخلنا لنهديها لمن نحب فيتخلص من ألامه المتكررة، أو محاولة لإدراك أن الخيبات الجديدة أثقال سنسير مجبرين على حملها حتى الموت.

الموت / السجن/ السفر : مجرد وسائل للرحيل القسري، الذي هو رحيل لا يحتاج لتصنيفات.

نحن : كبرنا على التذمر من الحياة، نواميسها، من الاعتراف أننا مهزومون بالضرورة، ومن بذائة الواقع.

أنا : صامتة وحزينة صباح اليوم وليلته وبالأمس وأول الأمس.

أنت : دائم الخوف من أن يكتشف الآخرين كم أنت رقيق فيدهسونك بسنابكهم.

...............................


أمس في الثالثة عصرًا..
استلقيت على وجهي فوق السرير، تاركة شعري بلا تهذيب وقلبي بلا طمأنينة، لم أستطع مواجهة ما يُثقلني من محادثات لابد منها، من جعل منها بُدًا؟ ومن قال أن تكرار التجربة ذاتها في نفس الظروف يعطي نفس النتائج؟
الأشخاص لا تتغير ببساطة، في كل مرة يتم اختباري أحسن الظن، أُصدق، وأردد في النهاية" ما أنتِ مُغفلة"...
ولأنني أحاول، حتى النفس الأخير أحاول، يصبح من السهل الممتنع والصعب المُيسر أن أبتعد عن هؤلاء الأشخاص بعد أن أتأكد بأنني استنفذت كل شيء، كل الفرص، وكل الآمال، وأصبحت بحاجة لطاقتي المهدرة عليهم، في إنقاذ نفسي التي لا ينصفها أحد.

ماذا كنت أنتظر وأنا مستلقية هناك دون أن أفعل شيئًا يذكر، دون أن أبكي أو أتذمر؟
أن يتسلل أحدهم من النافذة يقبل جبهتي ويمسك يدي...لأنه يدرك مقدار الألم دون أن أتحدث حقًا، لأن الكلمات لا مغزى منها حينما يفيض القلب والعقل بالفكر فتلجأ لحزن مشوب بالصمت مرددًا بأنك لم تعد تستطع صبرا على ما لم تحط به من صغائر وكبائر الأمور.

أعلم يارب أنني أمتلك القوة وقلة الصبر والحيلة في التعامل مع الحياة، يمكنني تقبل أي ابتلاءات من لدنك، لكني بإصرار أدعوك ألا تأتي اللحظة التي أقف فيها أمام من أحب وأرجوهم أن يحبوني في المقابل...أرزقني الموت قبل الجفاء.

...............................


تعويذة 2 : عشان نطرد الأشباح محتاجين ذكرى.. ذكرى واحدة قوية ع الاقل..

*فلاش باك*
اللحظة اللي كنت بتكلم فيها على المسرح وماما عملت لي باي من وسط الناس كلها.. فضحكت وسط الاسبيتش.
اللحظة اللي دخلت فيها الكواليس بعد أول فيديو وكنت لوحدي تمامًا، وعينيا دمعت من الفرح أو الفخر أو لأني نكدية!!
اللحظة اللي لما بفتكرها يوميها ولحد دلوقتي قلبي بيدق بسرعة وبضطر اسنده عشان ميتهورش.
اللحظة اللي عيطت فيها فعليا لما جابوا سيرة ودود الله يرحمه.
اللحظة اللي مكنتش مجهزة فيها كلام وطلعت ع الاستيدج برتجل أي حاجة وعينيا وقعت على ميم يمين القاعة باصص لي بتركيز واهتمام.
اللحظة في الفاصل لما شيماء حضنتني وقالت لي أنتِ جميلة اوي وبتمشي زي البرينسيس ع المسرح.
صورتي مع أميرة في الفيديو.. بنداري!..
حسام مستغل فرصة وجودي ع المسرح وانه هيصورني براحته.
كل حاجة..أكتر من كويسة.

.............


أنظر لابتسامته وأُفكر: كان الأمر هكذا... جميلًا، ثم مؤذيًا.
أحاول تصديقه حين يخبرني بأن الحياة لا تمنحنا رفاهية العيش بمثالية..ويستطرد " نامي بدري، سرحي شعرك كل يوم، اتدفي حلو...اكرهي الدخان والسجاير، كله زايل!"

صديقي المذكور لا يرى الأذى بشكل شخصي أبدًا، يُدرك تمامًا أن الحياة مجموعة من المآسي المستمرة التي نقتنص منها لحظات انبساط، يجلس كل يوم في شرفته يتأمل السُحب، يفكر في اللاشيء ثم يخبرني "عارفة مشكلتنا وميزتنا في نفس الوقت؟ لو الحاجة كانت بسيطة مكناش هنروحلها، احنا بنحب الحاجات الملحمية، أي حاجة تانية ملهاش لازمة، متستاهلش نحارب عشانها يعني."

وربما لهذا كنت أفكر أن أكثر شخص يفكر بي الآن هو أكثر شخص لا أشعر به، وربما هو متواجد وأنا أبحث عنه، كالذي يرتدي نظارته ويبحث عنها في الوقت ذاته.

تعويذة 3 : مراجعة محادثات بنداري.

.............

أعلم أن حُب أنفسنا هو الأكثر صعوبة على الإطلاق لي ولمن يشبهني..
وتقبُلها كذلك بهبلها وكآبتها الغير مبررة، وهي تقلل من قَدر خططك المؤجلة التي تحلم بها لأيام متتالية، وتُأخرك عن مواعيد هامة، وتكاسلك عن مواعيد أهم، والأصعب إطلاقا هو تقبلها بهشاشتها دون تعنيفها على ما لم تختاره.
أعلم حتى ذلك حتى قبل أن يردد ويل سميث: خلق الله العالم في ستة أيام ودمرت عالمي في 6 ثوانِ.
أننا مخلوقات تعرف التدمير...لأنه أسهل وأبسط كثيرًا.
وأحاول اليوم بشدة الإيمان بحبي لها وبتكرار كل شيء على ما يرام.. وأنا اعي تماما وجود أشخاص لا يثقون بأنفسهم قبل أن يثق بهم شخص ما أولًا.
وهنا نلجأ لتعويذة 4 :
As time goes on, you’ll understand. What lasts, lasts; what doesn’t, doesn’t. Time solves most things. And what time can’t solve, you have to solve yourself  -Haruki Murakami
.