10.5.15

عمرها ما هتبقى كويسة!



في شهر مايو سنة 2012 ولد اسمه فوكس عندنا في الكلية كان مع والده جايين الكلية يشوفوا نتيجة إلتماسات متعلقة بإنه اتفصل من الكلية، ومعرفوش يعملوا حاجة في الموضوع ده.
والده سابه في مبنى عمارة بعد ما اتكلموا سوا وراح عشان يصلي... مكنش يعرف إنه لمّا يرجع تاني مش هيلاقيه في مكانه.
فوكس نط من مبنى عمارة- أطول مبنى عندنا- من كتر الضغط اللي حس بيه وجايز الاكتئاب اللي صحابه قالوا إنه بيمر بيه عشان عمره اللي ضاع من ساعة دخوله الكلية وكونه مقدرش يتخرج وفضل يعيد كل سنة أكتر من مرة. حاولت كتير وقتها أتخيل إن والده اللي راح يصلي رجع لقى ابنه مرمي من الدور السابع. وقلبي يعجز عن تخيل حالته وقتها وبحمد ربنا إني مشوفتوش وبقول في سري ملعون أبو دي كلية تقفل كل البيبان وتسوّد حياة حد للدرجادي.

امبارح حد من صحابي ع الفيسبوك كان مشير حاجة عن الاكتئاب...عن الناس اللي بتنتحر بسبب المرض ده بالذات وإزاي مرضها بيهزمها في النهاية.
ولما قمُت النهارده من النوم ولاقيت داغر بيفكرنا على تويتر بحسن فوكس - الله يرحمه - قلبي اتقبض. فكرت في كل صحابي اللي بينهاروا حواليا، ولاقيت إني تصرفاتي مؤخرًا مخلياني -بشكل غير مباشر - بحاول أحميهم من الوقوع ده من اليأس ودايرته، مع إن في الواقع محاولاتي ملهاش لازمة.
عارفة إن الهدايا وجايز الجوابات تأثيرها لحظي أو مداها يومين بالكتير...وعارفة إن مساعدتي ليهم في مشروع أو سماع مشكلة أو تفكير في حلول مش كفايا عشانهم، بس عجزي عن عمل حاجة كبيرة في التوقيت ده بيخلي الحاجات الصغيرة ليها قيمة، خصوصًا إني بقالي كتير محاولتش أعمل حاجة تقول لحد إني بحبه وعاوزاه يبقى كويس رغم كل اللي بيحصل.

ده فكرني بسؤال صاحبتي.. هو أمتى كل حاجة هتبقى كويسة بقى؟
يعني هو الدنيا مش مفروض أصًلا تكون كويسة...فيه أيام أحن علينا من غيرها - جوا عقلنا - عشان بنشوف حاجات حلوة مبنشوفهاش واحنا تعبانين.

يعني مثلا احنا كل يوم بنصحى في نفس الميعاد الصبح بدري تقريبًا سهرانين ومش نايمين كويس، بنتخانق مع إخواتنا عشان خلّصوا المناديل أو الشاور جيل ومع أمهاتنا عشان نسيت تغسل البنطلون الجينز الفاتح. بنفطر على السريع ونشيل شُنط تقيلة وننزل نروح شغلنا / كليتنا ؛ فنركب مواصلة واحدة مملة ع الأقل، مملة حتى لو كانت عربية بي إم أحدث موديل أو مترو فيه كل يوم ناس مختلفة. بنعدي في السكة على نفس الست الغلبانة وبنقوم لنفس الأشخاص اللي أد أهالينا في السن ونقعدهم مكاننا. بنقابل نفس البنت اللي مع باباها ومامتها وأختها الصغيرة ومبناخدش بالنا منها ولا من ضحكتها ولا غمازات خدها اليمين.
ده العادي، والطبيعي، الادرينالين الكتير وحش علشان قلوبنا مش هتستحمله.

وده مش معناه إن الدنيا مش كويسة. ده معناه إن الدنيا عادية.
بدليل إننا في يوم تاني هنصحى ونقوم بنفس الروتين، المرادي هناخد بالنا من الست الغلبانة وهي بتدعيلنا عشان عارفانا حتى لو معناش فلوس فكة نديهالها النهارده، وهنلاحظ حد ابتسم لنا في الشارع فنبتسم أو خبط فينا واعتذر فنقول جوانا إن الدنيا كويسة، وأفعال الخير هي اللي هتكسب العالم النهارده. هنلحق المترو المُكيف في الخط التاني أو الطريق هيبقى فاضي والسواقين مش بجحين ..
وهنشوف المرادي البنت الصغيرة اللي عندها غمازة ووشها مدور ولابسة طرحة صغيرة ادها وهي في المواصلات كل شوية تبص ورا على باباها وتضيق عينيها وهي بتركز في شكله وبعدين تمد إيدها الصغيرة تسرح له شعره بأطراف صوابعها فيسيبها بكل ثقة وتبتسم عشان نجحت في عملية تثبيت الشعراية اللي بتنط من راسه ولو لمدة 3 ثواني.
كل ده بيحصل كل يوم  بس مبنحسش بيه بنفس الدرجة. اﻷماكن اللي بنمر بيها هي هي. إحساسنا الداخلي هو اللي بيختلف فبنشوف الحاجات مختلفة، أعتقد إن ربنا خلق التفاصل ديه عشان نستحمل الحقايق التقيلة المماثلة، وعشان احنا مزروعين جوانا بجمال ولحظات بندوب ( بمعنى نسيح) كده أول ما نشوفها.

كل ده بيقول إن السعادة حالة عقلية ونفسية قبل ما تكون ظروف خارجية. وده مش معناه إن الحروب وقفت وإن مفيش كام ألف واحد هيموتوا النهارده وهيوجعوا قلب أحبابهم عليهم أو غيره.

شخصيًا بطلت أتضايق من الأيام العادية، وزعلت امبارح على حاجة عبيطة لمّا زرعة البنفسج الصغيرة ماتت، بس أحمد قال لي هنروح بكرة نجيب الزرع اللي نفسي فيه كله ولو كانوا كتير فهو ممكن يوصلني البيت، وأنا ممتنة لمحاولاته حتى لو معملناهاش.

شخصيًا عارفة إن عمر ما كل حاجة هتبقى تمام... بس بنحاول نخليها كده عشان الاستسلام للاكتئاب هيزود وجع قلبنا ووجع قلب اللي بيحبونا.. واحنا بنحبهم أكتر من كده لو مكناش بنحب نفسنا كفايا.

.
.