9.4.15

الأوطان الصغيرة


تنويه: لو حطيت الصورة وديه وسكت هكون مكتفية بالتعبير عن اللي حاساه.

.......................

الجو باعث على الكُحة ونكش الزعل، خففت هدومي وفتحت الشباك، ولسه حاسة بالأسى.
إحساس الغربة بيزيد لما بفتكر كل الطرق اللي حاولت أعيش بيها حياتي وفشلت، المرات اللي استنيت حد يقول لي حاجة معينة عشان يفرحني واستخسر حتى يقولهالي. فعرفتها وحاولت مزعلش وآخد الموضوع بشكل حيادي. كل الأمور بقت تقريبًا حيادية عندي عشان مزعلش.

اليومين دول بحاول أنسى الأماكن اللي برتاحلها وراحت مني، هي ديه الحياة اللي دايمًا بتتغير عشان قوانينها مش قايمة على الثبات، بس لا يَخفَى على نفسي إني كائن بيحب الكمفرت زوونز والأوطان الصغيرة، حتى لو وطن متر في متر أو شخص واحد لكن فيهم سكينة وقليل من الهدوء والتفهم هيكفوني جدًا لتهوين باقي البلاوي المتلتلة.

بحاول أنسى الأماكن وبقالي زمان مرحتش الأماكن اللي متعودة أروحها في وسط البلد والزمالك والمنيل وبكتفي بنطاق الدُقي، حتى مبقتش أطيق القعدة في الكلية، وبتصعب عليا نفسي جدًا كل ما يغيروا حاجة، بحسها مؤامرة عشان ينسونا اللي حصل؛ يمكن ده كله لأن وجع السنة اللي فاتت طافح على سطح ذاكرتي وواجعني جايز أكتر من السنة اللي فاتت، محدش يقدر ينكر إنها كانت أسوأ سنة نفسيًا في حياة كتير أنا ضمنهم.
بقالهم فترة بيجددوا الكلية، وبعد ما خلصوا مبنى الإدارة، دخلوا لمبنى عمارة، وواجهة اتصالات.
النهارده مثلا مخرجتش من القسم بتاعي- اتصالات - بحِجة الحر، بس الحجة الكبرى كانت إني مش عاوزة أشوفهم بيغيّروا المكان اللي اتعوّدت عليه، والأماكن اللي قعدت فيها مع اللي بحبهم ومع صحابي تحت عمارة وفي حورس وقدام ميكانيكا. قسمنا مبيتغيرش من جوا، وده السبب الوحيد اللي مخليني مش عاوزة أخرج منه، حتى لو أسانسيره بطيء فحت ومبيقفش في الدور الأول وإزاز الدور التاني متكسر والسلالم ضيقة وعالية اوي والنت مش بيكونيكت أكتر من دقيقتين متواصلين، والحيطان محتاجة تتدهن من جديد. مع ذلك ورغم ذلك أنا عندي كل حاجة محتاجاها في مبنى طوله 3 أدوار قاعاته فيها تكييف وwifi سريع ومحدش بيغير حاجة من مكانها. خليني مستخبية هناك بقى عشان مضطرش أِشوفهم عملوا ايه تاني.

كنت هبقى أسعد بكتير لو عندي شخص برجع له في الآخر ، الشخص اللي هاروكي موراكامي كان بيقول عنه" إن تذكرتني أنت ، فـلا يُهمني إن نسيني الجَميع" ، حد كده لمّا الحاجات تفقد معناها وأقعد أسأل روحي عن شيماء وخلود وأحمد وميم وهبة ومريم، الشخص ده يقول لي معلش هي سنة الحياة إنها تمشي وتتغير بس أنا موجود.
مش متأكدة هي المشكلة إن الحد ده مش موجود، ولّا المشكلة إني واعية كفاية حاليًا ومش هصدق وجود حد بشكل دائم حتى لو حلف لي بكل الأيمانات اللي على وش الأرض إنه هيعمل ده!..
من 3 أو 4 سنين كنت هصدق، وحاليًا هيبقى نفسي أصدق وممكن أتظاهر بالتصديق عشان احنا كبشر وأنا بشكل خاص بحب الثبات يعني لو هقضي طول اليوم تنطيط في عشرين مكان مختلفين وبتكلم مع عشروميت حد عارفة إني هبقى أسعد لو حاسة بالانتماء الكلي لمكان أو شخص واحد.

بفهم مع الوقت إننا كل ما بنكبر فترة سماحية العلاقات بتقل. فترة العشرينات بالذات، الفترة اللي بنتعشم فيها اوي بوجود غيرنا وفي نفس الوقت بنسعى عشان نلاقي نفسنا ونبدأ نرزّع بقى في الحلل وتظهر الإيشيوز اللي عندنا وخوفنا، في مقابل ظهور مخاوف جديدة من الناس اللي بتمشي، فغصب عننا نزوّد الإيشيوز إيشيوهاية كمان ونفضل محطوط علينا وبنحط على غيرنا وهكذا ف دايرة مفرغة.

في الأيام العادية بكون أقوى، بس النهارده أنا حاساني تعبت من كتر الفُرجة على الكراسي جوايا وهي دفاها بيتسرق مكان الناس اللي كانوا قاعدين عليها أول ما بيقوموا ويسيبوهالي وأنا أحتاس بيهم كده، وأنا حاسة إني مفروض أنقذ حاجة او حد زي الدكاترة في ال ER ،بس أنا مش دكتورة للأسف، ومش بجيد التعامل مع الفراغات.
يعني لسه أكبر مشاكلي متمثلة في المشيان والأوطان واللي بحبهم وإن كنت كبرت على العتاب والسؤال. ويحضرني هنا قول درويش اللي دينا كانت بتقوله يوم الخميس "سأعيد ترتيب المساء بما يليق بخيبتي وغيابها" يعني مش بس خيبة وويبة.. لأ! ده كمان غياب التانيين! ...

يللا مش مهم.. تصبحوا على خير.