16.3.15

Schizophrenic post



حينما تضحك تتسبب في ظهور تجاعيد خفيفة حول فمك 
وعميقة حول دائرة عينيك من الخارج
 أتخيلهم أجنحة صغيرة لكيوبيد يحاول الهرب 
فأضحك حين تضحك. 

.........................

أستيقظ فزعة، يعاود الألم ذراعي اليمنى..أعتدل في جلستي، أتحق من سلامة وجود ذارعي في موضعه، لابد أن أجده إن لم انتقل آنيا بالأمس. أجده تمامًا كما تركته . أرجي عودة الألم الجسدي لبوح ليلة الأمس وصعود الألم من عقلي اللاواعي نحو جسدي مباشرة. يردد عقلي "لم يجدر بكِ البوح"، وأواجهه بصوت هاديء "لا بأس". ثم أضع كفي اليسرى فوق عيني قليلًا لحجب الضوء وأمررها بالخلف خلال خصلات شعري ، تملأ أنفي رائحة زيت الجوجوبا وأمتن لله لأنه خلق تلك الرائحة التي تناوشني فابتسم لها، أضع مسند خلف ظهري أعتدل في جلوسي أكثر، أتذكر هند، أفتقد هند. لمّا لا أحدث هند؟

.........................


 توَّدع رفاقنا في المطار بضمّة 
 تمر خلالها بثلاث مراحل :
مرحلة حيادية تنكسر فيها نظرتك نحو الأرض
حين تتذكر فراقك الأكبر. 
المرحلة التالية يصيب وجهك احمرار كثيف 
مما تذكرته في المرحلة الأولى.
ثالثهم تُخفي دمعه.. 
تتحاشاها بتربيتة متوسطة القوة 
فوق ظهر صديقنا المسافر..
وحدي أراها من بُعد 
وأشفق على قلبك 
من الحزن.

.........................

كانت الفتاة في بدايات العِقد الثالث، قابلتها بعد ظهور نتائج التحاليل الأولية، جلَست بجواري وبدأت بالتربيت على قلبي وإهدائي من قوتها...أكدت أن اليوم من الأيام الطيبة في مرضها، أعلم أسطورة الأيام الجيدة والأيام المزعجة، ثم أخبرتني أنها مصابة بالمرض منذ ستة عشر عامًا. لا تستطيع الخضوع لأنواع العلاج المعروفة الإشعاعي أو الكيماوي، كل ما يمكنها فعله هو استئصال الأورام حين ظهورها بعمليات جراحية، ولسوء حظها لا تتوقف تلك الأشياء عن الظهور في جسدها. حكت لي حينما نظر طبيبها الجديد لتاريخها المرضي نظر نحوها بذهول وبعد لحظة صمت أخبرها" انتي ازاي لسه عايشة ادامي لحد دلوقتي..؟ أنتي بتحبي الحياة اوي كده!"
ابتسمتُ حينها وفزعتُ بالأمس... من نحن لنحارب مثلهن يا هند! نحن أكثر ضعفا نسير بصحة "على الأد" ونغضب لأن أحدهم اصطدم بنا ولم يعتذر.
أريد أن أصير محاربة يا هند، دون آلام الأمراض، أود أن أساعد المحاربين إن لم أستطع أن أكون مثلهم.

........................

 تضحك لي في المرة الثانية التي التقيتك بها، 
وتخبرني سرًا كبيرًا
أعبس ولا أخبرك كلمات مختبئة في إطار المشهد..
تهوى الأغاني ذاتها
تعلم كيف تتعلق بالفرحة
تخزنها
ترويها
وتحضر لي ما يكفي منها 
في جيب معطفك
في المرات الكثيرة
التي نلتقي بلا تخطيط.

...............

يثقل الحِمل مجددًا، فلا أرغب بالكتابة أو القراءة، أو الحكي، تصبح جميع الأمور أكثر تفاهة من إهدار الوقت والطاقة لأجلها، فأعتزل كل شيء وأتعلل بالهيرمونات...
أمي أصبحت قريبة، تحاول الدخول لدائرتي، تساندني أكثر مما مضى بكثير، تعتني بي وتؤنبني بشدة لأنني أنسى الدواء أو لا أشرب اللبن أو لا أهتم بتناسق ملابسي، توصلني كل يوم وتفتح موضوعات غير جديرة باهتمامي فأسايرها حتى لا تصمت... صمتنا ثقيل يا هند، يؤلم روحي.
أشعر بأنني لستُ جميلة مهما أخبروني بالنقيض، في الواقع أشبه كثيرًا أحد الأقزام السبع التي ذكرتهم بثينة العيسى في ما بعد حكاية سنوايت؛ حينما عادت إلى أقزام الغابة في كوخهم الصغير بعد شعورها بالوحدة، وبعد أن أمضت الكثير من الوقت في القصر المتسع وغرفه الخاوية والباردة مع الأمير غير المتواجد... 
أنا بالتحديد كالقزم المتوسط يا هند الذي سألها: ولكن إن فعلت الحياة هذا بك وأنتِ جميلة فماذا ستفعل بأقزام صغيرة قبيحة مثلنا؟..

أنا قبيحة أنظر بداخلي للمقربين سابقًا وأحكم على تصرفاتهم وأقوالهم، لا أراعي الجروح التي ألمت بهم ولا ألتمس الأعذار. حين نظرت اليوم لما ارتكبت أدركت مدى خطئي وقبحي، لم يكن علي الرحيل ولا الاقتراب، لم يكن علي الخضوع لرغبات نفسي منذ البدء، كل ما حدث وجب حدوثه ،أدرك ذلك وأدرك أيضًا أن بعض الأشياء غير قابلة للإصلاح، ولا أدرك كيفية النجاة.

.................

أحكي لأصدقائي عنك
عن رؤيتك للحياة
وحدودٍ كحد السيف
عن روحك الناصعة
عما كنت سأخبرك 
إن تركتُ الكلمات المنمقة على طرف الطاولة
عن اكتشافي لنفسي في ظلك دون أن تدري

يمكنني أن أتحدث عنك بشغف 
وأقارن بين درجات اختلاف لوني عينينا 
وسرعة ردود أفعالنا المغايرة وضحكتك.

أحكي عنك
ثم أذكر لهم أنني
يومها،اليوم الأول في بدء الزمن... 
إن كنت رحلت مبكرًا قليلاً
لأشاهد فيلماً رائعًا 
أو أقرأ كتاباً عن الوقوع في الحب
وأحتسي شرابًا دافئًا..

لم أكن لأراك.


..................