24.9.14

ليالي الأنس لفيينا فقط

 

عزيزي..

سنحمل الليلة مآسينا سويًا ونلقيها في نهر الدانوب ، سنترنح من ثقلها فوق ظهورنا المنهكة من الأوزار ويتحامل أحدنا فوق كتف الآخر ونحن نردد ليالي الأنس .. ليس في فيينا فقط بل في العالم بأسره.

نعلم أن تلك الهموم ستأخذ دورتها وتعود إلينا مع مياه الشرب
فنطلب من الطبيب ألا يملأنا بمحاليل ملحية كلما غبنا عن الوعي.. ونلجأ للنبيذ كلما آتانا العطش..

ثم ماذا.. ثم لا شيء، ستجد دومًا طريقها إلينا..القاهرة ليس بلياليها أُنس كما ترى.


عزيزي..

منذ لحظات كدت أخاطب الفراغ العظيم الذي تحدثت عنه ميج رايان، لكنني فضلت أن أخاطبك الآن،أنت غير مؤذٍ لأنك غير موجود، مما يجعلك جديرًا بقصص الليالي السيئة.. والليلة سيئة بمقاييس الأيزو العالمية.

ستفهم ما أعني إن رأيتني اتنقل بعنف مفاجيء بين الحمام وغرفة المعيشة أربعة مرات على الأقل في ساعتين لشدة شعوري بالغثيان كذلك لم أتوقف عن البكاء اثناء وبعد مشاهدة أحد الأفلام الرومانسية العبيطة ..لماذا؟ لأنني انتظرت أن يعود البطل بعد ان غرق للحياة من جديد لكنه لم يعُد.. 
ليس هذا المؤسف، المؤسف أنني اشاهد الفيلم للمرة الثالثة وفي كل مرة انتظر أن تتغير نهايته!اظنك بدأت باستيعاب مدى سوء وضعي النفسي حاليًا.. 

عزيزي..
لا أحادثك عن أيامي السيئة. توقفت لأنني أرغب بتصديق قوتي وقدرتي على تجاوز عبء قلبي، لعلني إن قاومت لليالي متتالية ساستيقظ يومًا لأجدني بخفة فراشات الحديقة الملونة..هذا لم يحدث ولا يحدث، لا استطيع التأقلم مع هذا الكم من الهراء.

كذلك توقفت عن الشكوى هنا كي لا يقرأ الآخرون ويعتبروا كلماتي اسقاطات لأمور ذاتية لا أعنيها ولو عنيتها فهي لأجلي. أنا لست أدرِ من يجعل لكلمات حمقاء مثلي أهمية!!
 
لكن لا تقلق لأنني امتلك نوتة جديدة أروي فيها عن السنين العجاف والأسى بقدر ما أشاء، لا تشكو ولا تصاب بملل مهما اخبرتها عن تفاصيل العمل ، والاكتئاب المنزوي منذ عدة ليالي الذي جعلني اتوقف منذ يومين عن التفكير والمحاولة، الاكتئاب الذي دفعني لتأنيب احداهن من شئون العاملين صباحًا،أفقد تركيزي في محاضرة الالكترونكس، اصرخ بوجه احد المخالفين في الشارع ..ثم أبكي لأن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة.


عزيزي..اعلم أن الخروج في الغد سيتطلب شجاعة كبيرة، الجروح المهترئة في الصباحات داخل المترو مزعجة كآلام الظهر، وأنا مصابة بركلة من الواقع في أسفل بطني لم أعد أحتمل الألم ولا البكاء، يخبروني طوال الوقت أنني سأنتظر لهذه الأيام واضحك عن مدى سذاجتي وأنا انتظر هنا لأتنفس الصعداء معتقدة بأن الأسوأ مر.. وأن المبهجات الصغيرة أصبحت بحجم بالون هيلوم يكبر بارتفاع درجة الحرارة والتي كما تعلم تزداد كل فترة...وانا انتظر ولا يُنفذ صبري سوى ليالي سبتمبر الحزينة!

لا استطيع الحكي عن أشياء أخرى أو حتى تناول الإندومي أو وضع طلاء أظافر صارخ وإطلاق القليل من خصلات شعري..لا طاقة لدي

لن أطيل أكثر.. انا فقط خائفة وشعور الغثيان يزداد، وأيضًا حزينة.. حزينة للغاية .