10.10.13

والعالم مش واخد باله


في ركن ما من العالم يكاد يكون مهجور ومنسي ،بنت بتطل من شباك بيبص على سما واسعة مفيهاش نجوم بالليل، وحواليها شوية سقعة في الجو بيبردوا أطرافها اللي بتزرق لنقص حاجات معينة في دمها وده بيفسر حاجتها المأساوية لحد يدفي رجليها في الشتا..

البنت كانت غريبة جداً.. مثلاً بتلبس كوتشي على جيب، شنطة backpack على فستان، حزام مش لون الشوز والشنطة، أو أي حاجة تخطر على بالها إنها تكون مريحة أو مشابهة لحالتها النفسية.. مش غريب إنها فكرت في مرة تعمل نادي وتسميه "معاً لنفشخ الموضة" بس الفكرة كانت هتبقى مبتذلة وهتجر بيها شَكل جمعيات حقوق المرأة -أجارك الله منهم- وأصلاً كده كده صاحبها اللي بيترق عليها مش هيبطل حتى لو جمعت مليون بنت شبهها في العالم وأسوأ .. جايز عمره ما هيفهم هي بتقاوم أد إيه وهي لابسة بينك بالعافية في وقت كل أبراجها الداخلية بتتكسر فيه وهو مش شايفها حتى!

لك أنت تتخيل بنت زي ديه لما تحاول تقول كلام بشكل بسيط أو سلس هتواجه مشكلة أد ايه، وهي عارفة مدى كلكعة مشاعرها، ودماغها الغريبة اللي مش بتستوعب أرقام ولا تواريخ ولا زحمة حفظ أشخاص عملوا بلا بلا بلا..
ساعات بييجي على بالها هوس فتقرا لنيتشه وفرويد وتجرب الجري مع دون كيشوت أو العيش جوا بلورة مع غيره، بس شغفها بيروح بعد كام أسبوع وترجع تنسى اللي قرأته، في أغلب الوقت هي عارفة إن دماغها مش بتستوعب غير الحواديت والأسئلة المحيرة والأحلام اللي بتقفل عليها كويس النوتة بتاعتها قبل ما تنام.

كان نفسها اوي تفرح الولد اللي بيحبها وتروح تقول له إنها كمان بتحبه .. إنها مستعدة تقسم معاه ويتش الآيس كريم وتديله نص الفانيليا عشان هي مبتاكلش غير الشوكولاته، وتظبط بوصلتها على مزاج إسعاده، و تسمع معاه المزيكا اللي بتحبها وتديله كل الروايات اللي بتكيفها عشان ينبسط، وكمان تاخده يمشوا في الشتا في عز المطر وهما متكلفتين بالمونتوهات على البحر !..
بس الموضوع مش بسيط كده جواها، اللغز دايماً هيفضل يزن عليها ليل ونهار، إزاي ترجع الحتت الناقصة من قلبها و تلم شوية الكراكيب اللي جواها وترميهم من مكان ما جم؟
إزاي تسمح لحد تاني يدخل يغير الديكور ويركن الحاجات بتاعتها؟ حد كمان يعتبر قلبها البيت اللي بابي جابهوله وياخد راحته على الآخر ويمسك الريموت كونترول ،فــ هووووووب البنت ترجع تاني 100 سنة ضوئية لورا!!
 إزاي كمان متتعبش حد معاها وهي عارفة إن محدش بيتعور قد اللي ممكن يلم إزازها المتكسر حتى لو الحد ده بيسمع وبيفهم أو على الأقل بيتفهم؟

هي كانت عارفة كويس أوي إن الأزمة الأكبر من إن ميكونش عندك اختيارات، هو إن يكون عندك اختيارات بس كتير .. خصوصاً في الأيام اللي مبتعرفش تاخد فيها خطوة لوحدها فتقف في نص الكلية وهي على أتم استعداد تعيط عشان مش عارفة عصير مانجا أحسن ولا تفاح.. مش تفاهة، مش تفاهة والله، جايز إحساس داخلي بالوحدة والاضطراب وحاجات تانية مش مهمة..

كان نفسها بس تعرف تبقى من المبسوطين حتى وهمَّ شايلين زعل زيه، متخفش من الفقد، تتعود على الحاجات بسرعة، عشان ميجيش حد يقول لها "كان شكلك زعلان اوي وعاملة زي الوردة الدبلانة" هي مقتنعة إنها مش وردة، وإنها مش مستنية حد ييجي بكوباية مايّة يسقيها عشان تعيش..كان نفسها تبقى أبسط جايز تبقى خفية بالنسباله، جايز مكنش يشوفها من أصله !

أمثالها دايماً عندهم متلازمة نقص الحياة والنور نتجية وجع داخلي متعرفش سببه ولا تعرف هو فين، هي متأكدة إنه مبيروحش غير لما عينيها بتنور.. لما بتلاقي كتف وهمي تتسند عليه أو لما حد يديها حضن عملاق مش هتقدر تديه لنفسها مهما تمكنت من الدخول في وضع الاكتفاء الذاتي..
البنت ديه واخدة أوسكار في ارتباك البدايات، بتاخد الحياة من برا لجوا مع إنها مفروض تمشي العكس من جوا لبره، بتنسى الإجابات واللف والدوران فترجع تسأل تاني لحد ما تلاقي حاجة تريحها ولمّا مبتلاقيش عشان الحياة مش دايماً منطقية بتاكل في روحها عشان متسألش تاني.. وتسكت.

كل اللي بتعمله حالياً إنها قاعدة لوحدها بتحاول تبدي قدر كافِ من الامتنان للناس اللي بيصحوها كل يوم الصبح، والناس اللي بيبعتولها رسايل يسألوا عنها، أو اللي بيقولولها صباح الخير من غير مقابل، وبتحاول في الركن المنسي تقول للعالم بطريقتها أنا موجودة .. فبكل عبثية تفتح المزيكا على أعلى صوت وتدخل المطبخ تخبط في الحِلل وهي بتعمل بانكيكس مش هتاكلهم.

.