8.4.13

حتى يسكن الصخب



متفتكرش إني بتعب لمّا بتسافر..
أنا بس بنساااااك وأعافر
أنا كوبايات عصير قصب مليانة ع الآخر
 والخلق مبتشربش..*


هكذا.. دائماً ما تنتهي الأيام الجيدة بشكل سيء ، قائمة طويلة من رغبات الصباح تتساقط فتغرق في اكتئاب ليلي ، يا عزيزي أنت في مكان أفضل بعيداً عن هنا ، وربما ان بقيت لعانيت مثل معاناتي..فلتحمد من أخذك بجواره.
تزايدت ساعات نومي وهروبي بشكل عبثي بالقراءة ، أشعر بالحنين للأماكن التي لم أعد أذهب إليها وتشعرني بالدفء ، أخشى مواجهتها وحيدة ، أخشى أن تفقد جمالها كباقي الأشياء الأخرى التي فقدتها فلا يعد لدي المزيد من الآمال، ربما لا أقص ما حدث وما أشعر به لأنني أخشى ألا أصبح على ما يرام بعد اعترافاتي القاسية، ربما أخشى الحقائق كل لا أشعر بالمزيد من الغضب تجاهك وتجاه الله وتجاه نفسي ..الأمور خرجت عن نطاق السيطرة.

. . . . .

لا نمتلك الكثير من الوقت للإيمان بالأشياء كلها، العمر قصير والشك لا يسلم منه أحد، الأفضل أن تصدق ما فُرض عليك وتخضع للسمع والطاعة، هكذا الأمور أسهل، لكني لا أستطيع الخضوع فاذهب للبحث والبحث والمزيد من البحث، أجلس أمام مدربة التأمل من الهند .. تطالبنا بصوتها الهاديء أن نغمض عيوننا ونبدأ في التفكير باللاشيء ، فقط تنفسوا وضعوا تركيزكم في هذا الأمر وحسب.. تبدأ بسرد كلماتها بالإنجليزية بهدوء  يبعث على الراحة ويبعث فيّ القلق خوفاً ألا أنجح في عدم التفكير والتركيز وفعل الأمر بشكل صحيح كالآخرين، تضع بعض الموسيقى الهادئة وتؤكد أننا سنتذكر ألا نفكر في وجود تلك الموسيقى، نكمل الدائرة ويبدأ الآخرين بأغماض عيونهم ، يقل إحساسي بالمكان ويزداد شعوري بنفسي وبالهواء البارد، ألاحظ صعوبة انتظام التنفس الطبيعي حينما تتابعه عن عمد، أبدأ بالتفكير في معرفة متى تنتهي النصف ساعة اتلصص وافتح عيني للحظة وأغمضها سريعاً وابتسم في هدوء.. يبدو التركيز في اللاشيء أمراً مستحيلاً يصيبني ألم في رأسي، أُحارب ثم أقرر الاستسلام لأفكاري حينما تبدأ يدي في إيلامي بتلك الوضعية وأتخيل الطاقة تمر بين أصابعي من اليد للأخرى فتخالجني قوانين الفيزياء وبقاء الطاقة ومحاضرات الثيرمو اللعينة في اللحظة ذاتها فأبذل كل جهدي في كتم ضحكاتي..من مسجد قريب استمع للإقامة وأفكر بأن ما يحدث عبث ،أترك صلاة المغرب لأقوم بطقوس تأمل وفقاً للديانة البوذية! يجلس أصدقائي بجواري نحو اليمين واليسار..انتهينا وبدأ كل منا يقص تجربته، يخبرها أحدهم بأنه شعر بروحه خفيفة، الأخرى بأن ألم رأسها انزاح، يأتي دوري في حكاية تجربتي الأولى الفاشلة يبدو صوتي متحفزاً ومرتفعاً على عكس الجميع حين أخبرها أنه كان من المفترض ألا أفكر لمدة ثلاثون دقيقة وفي المقابل خططت لحياتي لمدة ثلاثون عاماً مقبلة ..ترد وتخبرنا جميعاً أن التأمل كتعلم الكتابة يبدأ بتعلم الأبجدية قبل كتابة مقال أو ما شابه، أصدقها حينها، تبدو هادئة وصادقة.

بعد الواقعة المريرة حاولت طوال الأسبوع الايمان بقدرة التأمل ، ربما هم محقون ، ربما هي مشكلتي لعدم قدرتي على إفراغ عقلي ..كل ما في الأمر أن الصلاة مثل التأمل تطالب بلحظات من الهدوء من البُعد عن الزحام والتفكير والتركيز على الله أو على صوت تنفُسك..أعلن اليوم يأسي من قابلية إفراغ عقلي وأحسد كل من يمكن من ذلك (من أعماق أعماق أعماقي يعني)

. . . . . .

لم عُد أُفسر الأيام ، لا اعلم ما اليوم التالي ولا ماذا سافعل به ، استيقظ متأخرة ، أصل لمحاضراتي متأخرة ولا أشعر بأن ذلك أمر سيء ، اشعر أنني بخير أحياناً ، لكن كل شيء آخر يخبرني أنني كاذبة،عصبيتي الزائدة التي وصلت للتعدي على أحد مشرفي المشروع ظن ألم جسدي وتصلبه ، عدم رغبتي في التواصل البشري(رغم إجباري على هذا الأمر) ..على كل حال المزيد من الكتب الفلسفية عن الآلهة والكون والروابط هي كل ما يتطلبه الأمر حتى أنسى.. ويأتي الغد كاليوم ككل يوم ، أطمح لأشياء لم أعد أدركها وأفقد المزيد من المعاني ولا اعلم من يمكنه المساعدة ولا أعلم إن كنت أرغب بها في الأساس...

والليل معبِّي ف زكايب في انتظار النور*

...........

*بهاء جاهين