10.2.13

لا يهم



نمتلك الكثير ،ونعلم تماماً ، لكن ما يشقينا هو ما لا نمتلك ، حينما يطفو للسطح ، حينما يبدو العالم بأكمله ضئيلاً بالنسبة له ، فلا ترغب سوى بالتوحد ، تعبت من كثرة التظاهر والركض الذي لم تعتمد سواه لأسابيع ، تتابع الابتسام حينما تجري مكالمة هاتفية لخبرتك أن الصوت يكشفك حتى على مسافات بعيدة ، لأكن صريحة ، أصبحت مُتقنة لإخفاء الكثير في تلك المحادثات ،أعلم تماماً كيف أتلاعب بالكلمات مع من لا أعلم ، من يهتمون هم من أقلق بشأن معرفتهم حالتي المزاجية..حينما تمر بأحد تلك الحالات فقط اعتكف على عمل القليل لأجل الآخرين وخصص المزيد من الوقت لنفسك ، أشترِ الكثير من الآيس كريم واستمر بقراءة رواياتك ومشاهدة أفلام رومانسية تافهة محتضناً أحد تلك الدباديب الحقيرة الملقاة في حجرة أختك الصُغرى...مهلاً ، 
أنا لا أمتلك أختاً صُغرى!! لا بأس سأحتضن عبوة الآيس كريم الفارغة عوضاً عن الدمي.


..........

تخبرني صديقتي أنني The extremist person she has ever met ، أصبحت أؤمن أنني حينما أسعد يجب أن أصل للحد الأقصى لأن تعاستي تغرقني حينما تأتي ولا أستطيع مقاومتها سوى بالتوحد قليلاً ، لهذا أخذتني رغبة بالتقليل من العمل والتركيز على الدراسة التي بدأت تقنياً ،و العناية قليلاً بـ راء التي تحتاج للكثير من الإصلاح والسلام النفسي وكذلك الراحة الجسدية ، لا أقصد الانسحاب فقط يتملكني الخوف والكثير من المشاعر المؤجلة التي يجب حسمها وقتلها بأسرع وقت..وربما أتوقف عن استخدام الهواتف والتواصل المباشر ، في رحلة البحث عن السلام.
رجاءاً التمسوا المزيد من الأعذار لأنفسكم وابحثوا عن الهدوء..

...........

ليلة أمس كانت تستند على كتفي و نتساءل ماذا لو كان هنالك مترصدين آخرين لنا لا نعلم عن أمرهم شيئاً ، محققين سريين ، يهتمون بتلك التفاصيل (بحجم النانو) التي نفعلها .

اليوم..كنت أجلس في هدوء أكتب أو أقرأ بالكاد ، كنت غارقة في اللاشيء وكل شيء بحالة لا يمكن وصفها سوى ببكاء متواصل لساعتين على الأقل حينما باغتني كشخص عابر في اليوم ، نظرت إليه ولم أزيح سماعات الأذنين ، اشار نحو الكرسي الوحيد المجاور على طاولتي فأومأت له وعدت لما أفعل ، فوجدته يجلس عليه ويمسك بكتاب ما..

خفضت صوت الموسيقى ثم:
-أنا افتكرتك عاوز الكُرسي ، مش عاوز تقعد على ترابيزتي!!

-بُصي، مش عاوزك تفتكريني متطفل ،ومش عارف أخدتي بالك مني ولا لأ ، أنا ..... اقتصاد وعلوم سياسية سنة تالتة ، شوفتك من شوية بتسلمي على ندى صاحبتنا وبعدين جيت هنا لاقيتك بتدوري على مفكرة وبعدين شوفتك لوحدك ، آسف مقصدتش أتطفل ..حتى ممكن تسألي ندى عني ، أنا مش كده ..بس استغربت إن الاقي بنت مهتمة بالكُتب والكتابة عموماً

تجاهلت حالة التربص منذ البدء، وإهانته ظناً منه أن الفتيات لا ينشغلن سوى بالتسوق،  فقط اردت استكمال عبثي الخاص فقلت:
- أنت لو عاوز الكرسي ممكن تاخده وتقعد بيه في أي مكان بس أنا مستنية ناس صحابي دلوقتي..

-مستنياهم على ترابيزة عليها كرسيين وانا هاخد واحد منهم..

نظرة شزراً نحوه (الولد ده عبيط ولا بيستعبط !)،  ثم: 
-هو أنت عاوز حاجة ؟

رغم لهجتي العدائية ،ابتسم واعتدال في جلسته ونظره اخترق عيني:
-عاوز أعرف أنتِ بتكتبي ايه؟ وعاوز اعرف اسمك ، وأنتِ بتيجي ديوان كتير؟

كفى! حاولت اظهار غضب شاسع بغرض إفزاعه ولم يكن الأمر صعباً نظراً للحالة المزاجية :
-اهااا كنت عاوز تقعد ، فيه ترابيزة فاضية هناك ممكن تروح تقعد عليها..

أعدتُ السماعات لأذني ورفعت الصوت ، لم أعر انتباها لكلماته هل كانت اعتذاراً أم تمتمة بالغضب ، لا يهم لكنه رحل ورحلت انا بعدها بدقائق لأنني لم أحتمل تأثير تطفله في المكان ..

لا أعلم يا صديقتي ، يبدو أن هنالك المزيد من المترصدين في كل مكان ، وأنا ظننت أنني أعلم بمتربصيني وأين تقع عناوينهم أيضاً.. الأمر سيصبح مضحكاً يوماً ما ، حينما نجلس لنحكي تلك الحكايا عن الغرباء الذين أتوا في الأوقات غير المناسبة ، عن الأوقات غير المناسبة يمكن أن نحكي لسنوات متصلة ولن نمل.

.............


أقولك سر ، حاسة بالعجز وبإني مش مؤمنة بحاجات كتير ، تفتكر ده علشان سبت أسئلة كتير من غير اجابات؟ وايه فايدة اننا نسأل اللي ماتوا؟ عمرهم ما هيردوا ولا هيشوفوا ولا حتى هيحسوا ، محتاجين نموّت معاهم أسئلتهم ونقفل كل الشبابيك المتواربة ليس إلا ، محتاجين نقبل باللي وصلناله لأن محدش وصلنا هنا غير غباءنا وحسن نيتنا وأشياء أخرى ، محتاجين نؤمن إن الناس بتغلط وإن ربنا بيسامح ، وإني معملتش اللي يستحق التعاسة لسه ، محتاجين نبطل نفكر ف بكرة اللي شوفناه امبارح ، ونرسم بكرة جديد من الزيرو على أُسس صح من غير بشر، ونكتب في النوتبوك الجديدة كل اللي بيوجعنا ومش عارفين نقوله..

وبما إن هنا عالم افتراضي ومش حقيقي ، فأنا هفترض إن كل حاجة تمام وإني مش خايفة خالص دلوقتي..
آه نسيت أقول إن أنا بحب الكلية اوي (فول ستوب)