21.9.12

فصول مِش في السنة



 يوماً ما قد تستيقظ بإحساسٍ آخر...ليس سعادة أو حزن أو خوف واستسلام ،إحساس جيد
وكأن الأسوأ قد انتهى بالفعل ،وأنت تعلم تماماً أنه لم يأتي بعد.
شعور بالسلام كأنك وحدك تسكن بين دفتي العالم مثل كتابك الذي تقرأه.

يمكن سماع صوتك..صوت قلبك..صوت عقلك بلا صراعات أو محاولات لافساد هذا الهدوء من أحدهما.

حصلت على قليل كافِ من النوم واستيقظت أنظر في المرآة ، لا تزال الهالات السوداء تحاصرني كعادتها منذ أسابيع..فلا أنتحب ولا أفعل شيئاً أغمض عيني قليلاً وأتنهد باستسلام..أُسدل شعري وأعبث به ثم أتركه لحاله وأتحرك بتكاسل نحو الشرفة لأجلس بهدوء لا يقاطعه سوى أصوات العصافير حولي ورائحة الياسمين تملأ قلبي هدوءاً..

"هل أصبحت النسخة الأسوأ مني؟"
تساءلت اليوم مثلما فعلت بالأمس ولا أجد إجابة..بالتأكيد لستُ النسخة الأفضل..ولم أعد أحاول ربما تملكني اليأس وعدم الإيمان بالحياة..
هل تعلم هذا الإحساس ؟ وكأنك تسير بكل قوة تمتلكها في اتجاه معاكس للتيار..لا تتقدم ولكن تذوب خطواتك في مقاومة الماء ولا يحدث تأثير، قضية خاسرة لذلك لم أستمر بالمحاولة وتركت قدمي للتيار قليلاً فجرفني معه.

يقترب الشتاء يمكنني رؤية ذلك ولم أتعلم بعد التريكو لعمل كوفيات تدفيء الذين أحبهم..الأمر محبط قليلاً لا أخفي عليك ، ربما يمكنني التخلي عن تدريب التسويق اليوم للحصول على القليل من الوقت لأجلي..شراء ملابس جديدة ، قراءة القليل من الكتب ، الاستماع لدقات قلبي ، والشعور بالقليل مني يلامسني فأحمل أعبائي وحدي وأعود بنفس الهدوء الذي يتملكني الآن..

لا أذكر هل أخبرتني يوماً أنني أسير مثل ميج رايان بغرور ربما ! أو أنني أمتلك الشارع أو شيئاً من هذا القبيل..تُسيء ذاكرتي التصرف الآن فاعذرني..اتمنى أن تكون هنا الآن تجلس بجواري تحتسي كوبك المعتاد من النسكافيه وأنا أتحايل على أوامر الطبيب وأسرق رشفة أو اثنتين وابتسم لأن مكعبات السكر أضافت ما يكفي من السعادة للكوب وبرغم أن وجودك في العادة يطغى على جميع الأفكار وأجلس صامتة أمامك ووسط الآخرين..لن أصمت حينها سأتحدث في فلسفات حمقاء كعادتي وستعطيني تفسيرات أكثر حماقة وسنضحك الضحكة ذاتها وربما نتسابق في قول نفس ما نريد قوله في اللحظة ذاتها..
إنها التفاصيل الصغيرة كعادتها تبعث ع البسمة والبكاء ..وأنا في طور هاديء لا ضحك ولا بكاء ولا شيء.

حقاً أفتقد الكثير في حياتي ، لحظات الركض بلا حدود وبلا أحد فقط مضرب أخضر وكرة خضراء مصفرة وشبكة في المنتصف..قواعد بسيطة للعب مع القليل من حُسن تصرف ، 
أفتقد السير وحيدة في الشتاء والمنتوهات الحمراء والبيضاء التي لم أعد أمتلكها ، أفتقد ضحات الرفاق وضحكي من القلب ، السفر والبحر والغروب ،
صوت علي الحجار وملامسة أروح الآخرين الذين لا يعرفوني ولا أعرفهم ، أفتقد القراءة لمدونين والتعليق بالمجهول لديهم كمرسال ملائكي يرغب في رؤيتهم يتحسنون
، أفتقد الأيام التي كانت تحتوي على فراغات كثيرة والقليل من العمل ..
 أعترف أن المكان الذي أنتمي إليه لا يعرف معنى منطقة الراحة ولا الرحمة ، وأعترف أنني أدفع ثمن قراراتي وأحلامي بكل حب اليوم وكل يوم ، وأفقد الكثير من الماضي ، هل هكذا هي الحياة دائماً؟
أغمض عيني لوهلة وأتذكرالإجابة عن هذا السؤال
 
"لقد خلقنا الإنسان في كبد"
صدق الله العظيم
  
 .......

*العنوان اسم ديوان لـ مصطفى حجازي
الصورة..لــ جوليا بطرس