24.1.12

من البداية نقطة ومن أول الثورة

ملحوظة ما قبل البوست:  تاريخ تدوين البوست ده وقت انقطاع النت 
السنة اللي فاتت يوم 28 يناير2011

مش هعدل فيه ولا حرف..احساسه جوايا هيفضل زي ما كان للأبد
فلنبدأ بالنشر إذن


،
نقطة...ومن أول الثورة

........................


قد تواتيك الفرصة للامساك بالقلم..
وتمد يدك بما يلزمها من القوة للكتابة
وبرغم ذلك قد لا تواتيك الشجاعة لتقص ما حدث...


لستُ هنا لكتابة أدبية بحتة أو تاريخية معمقة..ستجدون التحليلات في الكتب لاحقاً..
أنا هنا لأدون ما حدث وما ستواتيني الجرأة لانشره أما البقية فسأتركها حيث تنتمي..
فقد يرفع البعض أسلحة نارية وبيضاء وربما قنابل على اختلاف انواعها


لكننا نحن المدونين نرفع اقلاماً لتدوين التاريخ من وجهة نظر شخصية..
لا يحق لأحد النقض أو الاعتراض فهي كتاباتنا حتى لا ننسى..


تنبيه (جميع الأخبار والأنباء المذكورة كتبت في وقتها أول بأول فلم أكن بمنجمة لأدرِ ما سيكون لاحقاً ..
كل التوقعات مجرد تخمينات ومصادفات..حدثت أو لم تحدث وأغلبها لم يعرض الاعلام منها شيئاً)

...
جمعة الغضب 28-1-2011
......

كيف يمكننا النوم في هذه المدينة؟ كيف تغمض أجفاننا وأحبائنا وأصدقائنا بالخارج لا نعلم عنهم شيئاً
بعد قطع خطوط الاتصالات والانترنت وتشفير القنوات الاخبارية..

بدأوا يذيعوا الكثير من الأخبار الخادعة لامتصاص غضب شعب ثار ولن يهدأ
كيف ننام ونحن نخشى الاستيقاظ على صوت فقدان أحد أحبائنا.


حلمت منذ مدة بأنني أسأل جدي.."كيف أوصلتمونا إلى هنا؟"
.لم يجبني في حلمي حينها ..وصرت الآن واثقة انه في المرة القادمة حين أغفو وآراه سأخبره أننا سنخرجنا من هنا


تم فرض حظر التجوال عصر اليوم من الساعة السادسة مساءاً وحتى السابعة صباحاً
بأمر الحاكم العسكري الذي لن يتمتع بهذ اللقب كثيراً..يجب أن يسقط النظام
سنسقطه لأنه اسقطنا للاضمحلال..لأنه لم يعد نظاماً


مُلئت الأجواء بالغازات المسيلة للدموع التي بلغت أشدها عصر اليوم وظلت حتى منتصف الليل
كنا نختنق ونبكي..ليس من الغازات المسيلة للدموع ولكن من عمق الجروح
المتظاهرون والأمن والعامة يبكون..



القادة تركوا الأمن بلا أوامر وجلسوا خلف مكاتبهم
يشاهدونهم يتصارعون مع شعب ليس بأعزل..شعب لديه أسلحة من الإيمان والقهر والكبت

يأيتينا في المنازل أخبار وفاة المئات وآلاف الجرحى..
اصبحنا نستمع للأرقام ناسين أن تلك الأرقام هي أروح بشرية ..أحباب لأحدهم في مكان ما لا يعلموا عنهم شيئاً
وترتعد قلوبنا خشية أن يكونوا لنا...


كيف ننام وأنتِ توقظين كل ما بداخلنا الليلة..
وقادتك يحاولون حبسنا بداخل زجاجة ناسين أن الضغط يهشم أقوى الزجاج
الضغط يدمر ما لا يمكن اصلاحه..


سألني أحد الضباط ظهراً :كم عمرك؟ ، أجبته: سبعة عشر عاماً
لا اعلم ما الذي ذهب بي إلى هناك..!
ما الذي جعلني أخترق جميع التعليمات والأوامر وجعلني اخترق الحاجز لأصل إلى أرض الميعاد.!
تعجب لوقوفي وهتافي وفهمت ذهوله
فأجبته على سؤاله وأنا أعلم الإجابة الصحية بداخلي عمري خمسة أعوام من الظلم والفساد 
وثلاثون عاماً من الثورة الموروثة ..

قال لي: اذهبي الآن فسيحققون ما جئتي إليه..


نعم ..سيحققون ما جاءوا لأجله لأن أعمارهم تفوق عمر ظلمي وجروحهم لم يعد لها دواء مسكن..


اخبريني يا مدينة الثوار يا صاحبة الرصيد الاعظم من الظلم

لماذا يتظاهر الآلاف بالخارج في جميع بلاد الله تضامناً معنا لأجلك؟
اخبريني كيف نسكن مدنك بالخارج وتظلي تسكنينا.!؟
نعبرك عبر مطارك في يوم مرة وتظلي تعبرينا في كل يوم مئة مرة
ربما تكون عبثية الحب ولا منطقية الانتماء وغرابة المواطنة..


هدوء الشوارع ولا تزال العاشرة يقلقني
وخروج الأمن وعدم قدوم سيارات للجيش بعد في أحد شرايين هذه المدينة لا يطمئنني..

وبرودة تلك الليلة لا تلئم الجروح المادية والمعنوية بل تزيدها ألما..
ولا تزال الغازات العالقة منذ ساعات تخنقني..كيف أنام يا مدينة لا تعرف الضوء ..
يا مدينة عاشت عقوداً في ظلام الفساد..كيف؟


.............


الثانية عشر والربع..



جلسنا جميعاً نتجرع مرارة الاهمال وعدم الاهتمام والمبالاة بتظاهراتنا..
جلسنا نتألم من مشاهدة أقسام الشرطة تحرق
وسيارات الاسعاف تدمر..
والجنود محاصرون في معسكراتهم يخشون دخول الأهالي لسرقة الأسلحة..
وصل الأمر لدخولهم المساجد بالأحذية
واستخدام المكبرات وتدنيسها بصوتهم..


ثم أعلنت بداية حديث للرئيس بعد 4 ايام من الثورة
انتظر البعض خبراً بتنحيه عن السلطة لن يأتي..


فهناك رؤساء يفضلون لقب رئيس راحل على أن يعيشوا بلقب رئيس سابق..
اعلن عن اقالة الوزارة وسيقوم بتعيين أخرى في القريب العاجل..
سيأتي بسفاحين جدد في القريب
ولن تتوقف الثورات في العاجل..


لن يتقبل الثوار ذلك ولكن هل أنا أتقبل ذلك.؟
اصابتني حالة من الجمود وعدم القدرة على التفكير لقلة النوم
والمنبهات لم يعد لها تأثير كيميائي على عقلي
عليّ اللجوء للخطة (ب) ساحاول النوم وسنرى غدا
لتكن مشيئتك يا الله

......


في محاولات مستميتة مع النوم لمدة ساعة ونصف
سمعتك تهمس في أذني من اللا مكان
جئت تذكرني بوصفتك التي لم احاول تنفيذها قبلاً للتخلص من أرقي الدائم..
فتوجهت لتحضير كوباً من اللبن الدافئ واسدلت شعري وخففت ملابسي وانسدلت تحت الغطاء


أحبك..حد كرهي لاشتياقك..واشتاقك حد سماع صوتك من العدم..
واتجرع لأجلك مشروب اكتئابي ليذكرني فقط بمرورك بصفحات في حياتي..


اعلم ان افكاري لن تهدأ ولن اطمئن قبل تحقيق ما نسعى لأجله..سقط شهداء واصبح عزله أمراً شخصي..
سنستمر ويكفي تدمير أحلام خضراء نبتت في صحراء من الفساد
سنستمر...