13.1.12

طيف ،جريدة، مذياع


في الشرفة جلس وحيداً ليمارس طقوسه الخاصة..فنجاناً من القهوة ..مع الجريدة الصباحية ..وصوت (الست) يأتيه من المذياع
هذا ما يدعوه صباحاً مشرقاً بكل المقاييس.

لم يلحظ دخولها وجلوسها على الكرسي المجاور له..ولم يشعر بوجودها إلا بسبب رائحة عطرها إلى أن باغتته فجأة :
 
"ماذا تختار..أن تعيش ملاكاً ويسكنك الشياطين..
أم أن تكون شيطاناً يعشش بداخله الملائكة؟؟"

ترك الجريدة من يديه لينظر إليها بعينيها البراقتين كعيون الأطفال المليئة بالفضول..وهي جالسه أمامه تتأمله، وقد رفعت شعرها لأعلى بتصفيفة أنيقة تبرز وجهها الأبيض وعينيها البنيتان .

"ولماذا تسألين؟"

"ولماذا لا أسأل ..؟"

فابتَسم من عنادها ونقل نظره للشارع أمامه وهو يفكر في سؤالها ..

ثم نظر إليها بجدية وتاه في تفاصيلها متعجباً كيف لملاك مثلها أن يفكر بأحوال الشياطين أو البشر ،ثم أجابها :

"أن تكون شيطاناً تسكنك ملائكة..أفضل..أفضل بكثير"

لمعت عيناها وكأنها توصلت لاستنتاج سيقلب موازين البشرية..ثم تركته ليعود لقراءة الجريدة، يعلم أنها لن تتركه وتصمت عند هذا الحد ، تُدرك تماماً عندما يريدها أن تتحدث.


بدأت بالغناء بصوت خفيض متجاهلة صوت المذياع 


"كان يبقى الحب جنون..يخلص بحرف النون...نون نون نون.."

ثم انطلقت منها ضحكة مرحة قصيرة


"ستكتشف أن الكثيرون مجانين لو فقط أطلقوا العنان لروحهم قليلاً.... 

كم الساعة؟"


أفاق من سعادته على سؤالها..لماذا الوقت دائماً ما يؤلمه ويسقطه من السحاب ..


تجاهل السؤال محاولاً استمالتها بالبقاء فأخذ يغني هو الآخر بلا اهتمام لفيروز : "ياريتك مش رايح..ياريتك تبقى تبقى ع طووول.."


ابتسمت وهي تنظر إليه وتنحني لتقترب منه بجلوسها على طرف الكرسي وكأنها ستخبره بأسرار الكون مجتمعة ولا تريد أن تسترق (الست) السمع لما تخبره به.


"هل أخبرتك بأنت أروع المجانين الذين لن أقابلهم في حياتي ..؟"


تأمل وجهها بدقة بالغة بعد قولها كي لا تتسرب تفاصيل التفاصيل من ذاكرته ، لم يرَ شموساً تحيط ببشر قط..سواها


"وأنتِ فقط الوحيدة التي ترى الجنون أمراً يدعو للسعادة.."


اغلق جريدته ونهض ليتحرك ببطء شديد نحو المذياع خلفه لاغلاقه متسائلاً : لماذا كان على سندريللا الرحيل في الثانية عشر. ؟لماذا لم يستبقوا القليل من الوقت .لكانت الأمور أسهل بكثير من أن يبحث عنها الأمير مرة أخرى..


أدار ظهره لينظر حيث كانت تجلس فلم يجدها..
لم يفقد أعصابه لفقدها هذه المرة ، فلطالما أخبرته أن الحياة تؤكد لنا مراراً وتكراراً على ما نؤمن ، به فلا داع للقلق لنؤمن فقط بما يطمئننا...سيؤمن هو بوجودها ويبتسم اليوم برغم كل شيء.

عاد إلى مكانه مرة أخرى ليتأمل اللا مكان ويغني مع وجودها الخفي ..كان يبقى الحب جنون يخلص بحرف النون و مش كل إنساني تمرق تفرق و تصير تمون..







...



إهداء خاص جداً .
وأنا بتجمد في البلكونة :)