أنتهي من حمامي الدافيء ..أرتدي ملابس خفيفة باللون الوردي ..أتذكر أنني وحدي في المنزل فاشعر للحظة بالانتشاء واتنفس الصعداء ..أسير حافية القدمين فوق الأرضية الباردة وأبتسم تلقائياً من مداعبة البرودة لأصابعي ..أقف أمام المرآة بهدوء شديد لأصفف شعري وأتركه مسدلاً على كتفي..
يبدو على وجهي هدوء غير مألوف هدوءاً شديداً لم ألحظه منذ شهور..يأتي الأذان فاستعد لأصلي الفجر ..انتهي فافتح المصحف بجوار سريري لأقرأ سورة مريم
تمنيت كثيراً فقط لو كنت معها في تلك اللحظة لأساندها وأكون صديقتها..ربما كانت ستسعد بصحبتي حينها وأخفف من آلامها ووحدتها
أفرغ من القراءة فأترك المصحف وأنظر لسقف الغرفة لأ أعلم ما المميز فيه ولكني أهوى تأمله طوال الوقت..لم أكن أفكر فعلياً سوى بأشياء صغيرة هادئة تلائم بداية بزوغ النور في السماء وتسللها للغرفة .
أقرر أن انتزعك من يومي بالقوة كما رحلت ببطء...ليس هناك مساحة لك...المساحة كلها لي وحدي ..أنا فقط
أتحرك بتكاسل نحو المطبخ وأعد كوباً من الشاي..أتذكر أنك اعتدت أن تشربه بلا سكر فأضع ما يمكنني وضعه من مكعبات السكر في الكوب ..وأجد أوراق نعناع خضراء فاتنسمها قبل وضعها في الكوب لتملأ قلبي الصغير ..
أدرك أن القدر يحاول مصالحتي بتلك الأشياء البسيطة ففي العادة لا يعكر صفو الأيام سوى الأشياء البسيطة حينما تتفق عليك ..ويمكن لنفس الأشياء أن تسعدك حينما تسأم من إيلامك وتقرر أن اليوم عطلة رسمية من الحزن..إنها حقاًأشياء منطقية تماماً تحدث في أوقات غير منطقية بالنسبة لنا..
أجلس في لحظة تأمل أخيرة لأضع الخطة ليومي المرهق وأتذكر حينما كنت طفلة كيف كانت الأشياء العبثية البسيطة تثير سعادتي وأشعر لوهلة أنني لم أتغير لا أزال أسعد بتلك الأشياء الصغيرة فقط إن استطعت التجرد من الذاكرة وتناسي الألم..
أحتجت بعض الهدوء فقط لأستمر..موعد تحديد المصير سيبدأ السبت المقبل الساعة التاسعة..
أشكرك يا الله على تلك الأشياء مهما بلغ صغرها..