لا تزال مجساتي وعلاماتي الحيوية تستشعر الفقد على بعد أميال..
وحدها خسارة الأشخاص تُحدث إختلالاً في التوازن..أو ربما الخوف من الخسارة!
لا يهم ما الفارق..فالخوف من الخسارة هو الطريق الرئيسي للخسارة الفعلية
حقاً أنت لا تدري كم أبذل جهوداً جبارة فقط لأتجنب نوبات الفزع المصاحبة
لرحيلك ومن ثَم اشتياقك ومن ثم وجعي الامتناهي
أود أن أؤمن أو اتخيل بأنني أؤمن أنك لن تتركني وحدي أبداً.. لكني لا أؤمن بذلك
واليوم يتوجب عليّ أن أكون أكثر صلابة..
سأجمع الأحزان في صناديق سوداء وألقيها في أعماق المحيط..
لابد من سبب آخر يدفعني لعدم الاستسلام للحزن ..
أتتني رسالة من صديقتي تخبرني بأنها تحتاجني وبشدة...ولأنها لم تحدثني كالعادة فقد أدركت انها في حالة (تقوقع) ولا تستطيع المحاربة وحدها..
فكرت أنها أتت في الوقت المناسب لكي أتناسى شعوري بافتقادك والاهتمام بأشياء أخرى وأشخاص آخرين أكثر أهمية وأقل إيلاماً..
وصلت لمنزلها فتح الباب أخيها الأصغر..وأخبرني أنها في حجرتها
تقدمت نحوها وأنا أستجمع الجمل التي يمكنني جمعها لكي أواسيها في تلك اللحظة..لا أعلم مدى سوء الوضع
لذا علي أن أكون مستعدة..
طرقت الباب ودخلت ..هلعت من مشهد الغرفة التي يبدو أنه لا شيء بها في وضعه الصحيح..باستثناء النافذة!
أوراق العمل مبعثرة في جميع الأنحاء..الهاتف بداخل رف الكتب..ملابسها غطت كل مكان يمكن للعين الوصل إليه..المزهرية مائلة عن وضعها ولا يوجد بها ورود البنفسج المعتادة..!خطوت داخل الغرفة ببطء خوفاً من أن أتعثر أو أمُر فوق أشياء قابلة للكسر..بعد هذا الإعصار الذي ضرب الغرفة. !!
حينما شعرت بوجودي رفعت الغطاء من على وجهها
وتساءلت بألم: أنتِ جيتي؟..
لم تتحدث أكثر وأنا لم أتحدث فقط نسيت جميع الكلمات التي أعددتها ولم يبقى سوى وقع الصمت..
أقتربت منها واحتضنها ثم أخذنا في البكاء سوياً..كل منا لسببه الخاص الذي في المجمل هو نفس السبب
هدئت فامسكتها بهدوء من يديها..وخطونا خارج الغرفة..
سألتها وأنا أتوجه نحو المطبخ :
ها؟ تشربي هوت شوكليت من بتاعي ولا تشربي لبن لزوم الاكتئاب ؟
نتأمل مشهد النيل وتجمعنا أفكارنا..
احتضنت يديها بيدي فنظرت إليّ بهدوء شديد..وابتسمنا.. حينها ..أتى صوت فيروز ليقطع صمتنا من داخل المنزل ويخبر أحدانا بما تشعر به الأخرى..
أنا فزعانة تكون عن جد..تنساني.!!!
آه منكِ فيروز تحضرين في موعدك تماماً..عن جد