14.9.10

جولة غير منتهية



هناك حماقات لا يجب ارتكابها..كأن تعلق حياتك كلها بشخص واحد اذا لم تثق به 100%
وفكرة الثقة بالاشخاص تخضع لقوانين الاحتمالات لايمكن الجزم بها أو ثباتها
تغير الاشخاص الدائم يجعل من تلك النسبة متغيرة...وفي الثقة لا مجال للمجازفة

احفظ تلك الحقيقة عن ظهر قلب
لكن لم ادري لماذا شعرت بالصدمة...عندما اخبروني
ان احد صديقاتي ف المشفى لأنها حاولت الانتحار لظروف ترجع للثقة فيمن احبت
و ببساطة ابتلعت ما يعادل 10 علب أدوية
هل غضبت منها..ام اشفقت عليها..أم الاسوأ حسدتها

ذكرني ذلك بفتاة كنت بالكاد أعرفها منذ عام..
حاولت القاء نفسها من فوق سطح المنزل
وبمجرد ان وقفت على الحافة حاولت التراجع وأدركت غباءها
ولكن قدميها وأجنحتها خانتها...ففقدت اتزانها
ثم سقطت وماتت في حينها

ما اعجبنا!
نركض نحو الموت بكل قوة وحينما يأتينا نرفض احتضانه

يرفض جسدنا الضعيف الاقتراب منه فيتركنا تاركاً روحاً شوهها بنفسه

كنت ممسكة بالهاتف في انتظار خبر سفري
حتى أتي الهاتف الخطأ ليعلمني بالخبر وفي الوقت الخطأ
حماقة الدنيا..وصدماتها الغريبة

رن الهاتف ثانية فأجبته وأكدت على موعد سفري الأسبوع المقبل
اصابتني حالة من الهيستريا أو ربما السعادة الغير مبررة
وأخذت اعد الحقيبة واضع بها كل ما استطعت من الاشياء

اكره الانتظار حينما يتعلق الامر باشياء مصيرية
وزيارتي تلك ستكون اكثر من مصيرية لانهاء الكثير مما وجب علي انهاؤه

في يوم السفر أخذت حقيبتي وارتديت فستاناً نبيذياً صارخ اللون
واخذت اردد اثناء ذهابي للمطار احد الاغنيات القوية العنيدة
التي علمتني اياها بالفرنسية

لمهر الأبيض ما اشجعه في اصعب الاوقات
جميعهم في الخلف وهو في المقدمة)*

ترددت ربما اثناء سيري نحو الطائرة وكدت اتراجع
لأن كل خطوة كانت تزيد قربي منكِ
ولكني لم اعود ادراجي صرت اتقدم إلى أن وصلت..


وصلت..تماما حيث اردت..وكما اردتي انتِ
ها أناذا امام قبرك وحدي..
اهديكي ورود البنفسج المفضلة لديكِ واعتذر عن قدومي المتأخر

لم اجرؤ على القدوم سوى حين صرت قوية بما يكفي
لن اتحدث عن الالام ثانية..فقد تذوقنا مرارته مراراً وتكراراً
..ولن اخبرك كم عانيت من فراقك
كم صرت اهرب من السياسة حتى لا تذكرني بفراقنا
ولقائنا..

السياسة كل ما جمعنا..منذ تقابلنا في ثورتنا التاريخية
حتى انتهى بنا الأمر وأنا افقدك في أحد الحروب
إلى أن تم نفيك خارج حدود بلادي..وعندما قاومت لأتحرر من قيدهم
أجدك تحررت أكثر...ورحلت عن جسدك

كنا دائما نتسابق أُحاول التحرر فتسبقيني اليه
أُحاول الوصول لأهدافي فنتعارك وتهزميني وتصلي قبلي
وبرغم ذلك..لم اعترض يوماً
استمتعت بلقائنا..وحروبنا ..تنافسنا..وتمردنا

لكني لم استمتع بفراقك
فقد صرت أُحارب وحدي والعدو يحاصرني
ابحث عن حريتي بطريقةٍ أو بأخرى
لكن السجان وقيود أسري تأبى تركي

لم نولد في زمن الحروب الشديدة ولكننا معاً
تمتعنا بخوض الحروب الأقوى
فالزمن الماضي أستطاع أن يولِّد محاربون أشداء
والزمن الحالي صار يقتلهم..لهذا قتلوكِ ومثلوا بكِ بلا أدنى رحمة
لأنكِ محاربة..

ركضتِ نحو الموت بكل قوة
آآآآآآآه كم أنتِ مذهلة
لا أعلم هل يعتبر انتحارك جريمة؟؟
انتحارك من أجل رفضك للثورة الخاطئة في الزمن الخطأ
كان موتك يجب أن ينتهي بالاستشهاد
ليس هكذا..كان لا يجب ان يكون موتاً رخيصاً بل أسطورياً

(لكن يموت المهر بهدوء من صاعقة بيضاء في احد الايام..
وكلهم في الخلف وهو في المقدمة)*

لقد كنت الوحيدة التي استحقت ثقتي..وكنتِ وطني
حينما تبرأ وطني من اسمي ونسبني لوطن آخر
لا تقلقي ابداً سأظل أردد اغنيتك..فنهايتها تناسب نهايتك
وثقتي بكِ اصبحت لا نهائية..بعد رحيلك
وداعاً يا ثائرتي الخالدة
(ولم يكن للمهر ان يشهد صفاء الأجواء
مات..ولم يرى الربيع خلفه ولن يراه في المقدمة)*



..........................

*** ترجمة بتصرف(غالبا عكيت فيها)
لقصيدة بول فور (Le petit cheval )
وغناها اكتر من مغني فرنسي..